responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 116
لِأَنَّ مُدَّتَهُ لَا تَتَطَاوَلُ غَالِبًا، وَلَا تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ عَلَى صَاحِبِهِ، فَلَمْ يَزُلْ بِهِ التَّكْلِيفُ وَقَضَاءُ الْعِبَادَاتِ، كَالنَّوْمِ، وَمَتَى أَفَاقَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فِي جُزْءٍ مِنْ النَّهَارِ، صَحَّ صَوْمُهُ، سَوَاءٌ كَانَ فِي أَوَّلِهِ أَوْ آخِرِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: تُعْتَبَرُ الْإِفَاقَةُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، لِيَحْصُلَ حُكْمُ النِّيَّةِ فِي أَوَّلِهِ. وَلَنَا أَنَّ الْإِفَاقَةَ حَصَلَتْ فِي جُزْءٍ مِنْ النَّهَارِ، فَأَجْزَأَ، كَمَا لَوْ وُجِدَتْ فِي أَوَّلِهِ، وَمَا ذَكَرُوهُ لَا يَصِحُّ؛ فَإِنَّ النِّيَّةَ قَدْ حَصَلَتْ مِنْ اللَّيْلِ، فَيَسْتَغْنِي عَنْ ذِكْرِهَا فِي النَّهَارِ، كَمَا لَوْ نَامَ أَوْ غَفَلَ عَنْ الصَّوْمِ، وَلَوْ كَانَتْ النِّيَّةُ إنَّمَا تَحْصُلُ بِالْإِفَاقَةِ فِي النَّهَارِ، لِمَا صَحَّ مِنْهُ صَوْمُ الْفَرْضِ بِالْإِفَاقَةِ، لِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ بِنِيَّةٍ مِنْ النَّهَارِ.
الثَّانِي، النَّوْمُ، فَلَا يُؤَثِّرُ فِي الصَّوْمِ، سَوَاءٌ وُجِدَ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ أَوْ بَعْضِهِ. الثَّالِثُ، الْجُنُونُ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْإِغْمَاءِ، إلَّا أَنَّهُ إذَا وُجِدَ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ، لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مَتَى أَفَاقَ الْمَجْنُونُ فِي جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ، لَزِمَهُ قَضَاءُ مَا مَضَى مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ جُزْءًا مِنْ رَمَضَانَ وَهُوَ عَاقِلٌ، فَلَزِمَهُ صِيَامُهُ، كَمَا لَوْ أَفَاقَ فِي جُزْءٍ مِنْ الْيَوْمِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إذَا وُجِدَ الْجُنُونُ فِي جُزْءٍ مِنْ النَّهَارِ أَفْسَدَ الصَّوْمَ؛ لِأَنَّهُ مَعْنًى يَمْنَعُ وُجُوبَ الصَّوْمِ، فَأَفْسَدَهُ وُجُودُهُ فِي بَعْضِهِ، كَالْحَيْضِ.
وَلَنَا أَنَّهُ مَعْنًى يَمْنَعُ الْوُجُوبَ إذَا وُجِدَ فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ، فَمَنَعَهُ إذَا وُجِدَ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ، كَالصِّبَا وَالْكُفْرِ، وَأَمَّا إنَّ أَفَاقَ فِي بَعْضِ الْيَوْمِ فَلَنَا مَنْعٌ فِي وُجُوبِهِ، وَإِنْ سَلَّمْنَاهُ فَإِنَّهُ قَدْ أَدْرَكَ بَعْضَ وَقْتِ الْعِبَادَةِ، فَلَزِمَهُ، كَالصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ، وَالْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ فِي بَعْضِ النَّهَارِ، وَكَمَا لَوْ أَدْرَكَ بَعْضَ وَقْتِ الصَّلَاةِ. وَلَنَا عَلَى الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ زَوَالُ عَقْلٍ فِي بَعْضِ النَّهَارِ، فَلَمْ يَمْنَعْ صِحَّةَ الصَّوْمِ، كَالْإِغْمَاءِ وَالنَّوْمِ، وَيُفَارِقُ الْحَيْضَ؛ فَإِنَّ الْحَيْضَ لَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ، وَإِنَّمَا يُجَوِّزُ تَأْخِيرَ الصَّوْمِ، وَيُحَرِّمُ فِعْلَهُ، وَيُوجِبُ الْغُسْلَ، وَيُحَرِّمُ الصَّلَاةَ وَالْقِرَاءَةَ وَاللُّبْثَ فِي الْمَسْجِدِ وَالْوَطْءَ، فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ الْجُنُونِ عَلَيْهِ.

[مَسْأَلَةُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُفْطِرَ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ]
(2014) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا سَافَرَ مَا يَقْصُرُ فِيهِ الصَّلَاةَ، فَلَا يُفْطِرُ حَتَّى يَتْرُكَ الْبُيُوتَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُفْطِرَ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ، بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ؛ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] ، وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. فِي أَخْبَارٍ كَثِيرَةٍ سِوَاهُ. وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى إبَاحَةِ الْفِطْرِ لِلْمُسَافِرِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنَّمَا يُبَاحُ الْفِطْرُ فِي السَّفَرِ الطَّوِيلِ، الَّذِي يُبِيحُ الْقَصْرَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا قَدْرَهُ فِي الصَّلَاةِ. ثُمَّ لَا يَخْلُو الْمُسَافِرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ: أَحَدُهَا، أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ شَهْرُ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ، فَلَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا فِي إبَاحَةِ الْفِطْرِ لَهُ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 116
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست