responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 109
يُجْعَلَ شَعْبَانُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا.
وَقَدْ فَسَّرَهُ ابْنُ عُمَرَ بِفِعْلِهِ، وَهُوَ رَاوِيه، وَأَعْلَمُ بِمَعْنَاهُ، فَيَجِبُ الرُّجُوعُ إلَى تَفْسِيرِهِ، كَمَا رُجِعَ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ التَّفَرُّقِ فِي خِيَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ لِرَجُلٍ: هَلْ صُمْتَ مِنْ سُرَرِ شَعْبَانَ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا. وَفِي لَفْظٍ: أَصُمْتَ مِنْ سُرَرِ هَذَا الشَّهْرِ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَإِذَا أَفْطَرْت فَصُمْ يَوْمَيْنِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَسُرَرُ الشَّهْرِ: آخِرُهُ لَيَالٍ يَسْتَتِرُ الْهِلَالُ فَلَا يَظْهَرُ. وَلِأَنَّهُ شَكَّ فِي أَحَدِ طَرَفَيْ الشَّهْرِ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِ رَمَضَانَ، فَوَجَبَ الصَّوْمُ كَالطَّرَفِ الْآخَرِ. قَالَ عَلِيٌّ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةُ: لَأَنْ أَصُمْ يَوْمًا مِنْ شَعْبَانَ، أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنَّ أُفْطِرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ. وَلِأَنَّ الصَّوْمَ يُحْتَاطُ لَهُ، وَلِذَلِكَ وَجَبَ الصَّوْمُ بِخَبَرٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ يُفْطَرْ إلَّا بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ. فَأَمَّا خَبَرُ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ، فَإِنَّهُ يَرْوِيه مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، وَقَدْ خَالَفَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، فَرَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: " فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلَاثِينَ " وَرِوَايَتُهُ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ، لِإِمَامَتِهِ، وَاشْتِهَارِ عَدَالَتِهِ، وَثِقَتِهِ، وَمُوَافَقَتِهِ لِرَأْيِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَذْهَبِهِ، وَلِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ.
وَرِوَايَةُ ابْنِ عُمَرَ: " فَاقْدُرُوا لَهُ ثَلَاثِينَ " مُخَالِفَةٌ لِلرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا، وَلِمَذْهَبِ ابْنِ عُمَرَ وَرَأْيِهِ. وَالنَّهْيُ عَنْ صَوْمِ الشَّكِّ مَحْمُولٌ عَلَى حَالِ الصَّحْوِ، بِدَلِيلِ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَفِي الْجُمْلَةِ لَا يَجِبُ الصَّوْمُ إلَّا بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ، أَوْ كَمَالِ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، أَوْ يَحُولُ دُونَ مَنْظَرِ الْهِلَالِ غَيْمٌ أَوْ قَتَرٌ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْخِلَافِ فِيهِ.

[مَسْأَلَةُ لَا يَصِحُّ صَوْمٌ إلَّا بِنِيَّةِ]
(2004) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَا يُجْزِئُهُ صِيَامُ فَرْضٍ حَتَّى يَنْوِيَهُ أَيَّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ اللَّيْلِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ صَوْمٌ إلَّا بِنِيَّةٍ. إجْمَاعًا، فَرْضًا كَانَ أَوْ تَطَوُّعًا، لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ، فَافْتَقَرَ إلَى النِّيَّةِ، كَالصَّلَاةِ، ثُمَّ إنْ كَانَ فَرْضًا كَصِيَامِ رَمَضَانَ فِي أَدَائِهِ أَوْ قَضَائِهِ، وَالنَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ، اُشْتُرِطَ أَنْ يَنْوِيَهُ مِنْ اللَّيْلِ عِنْدَ إمَامِنَا وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُجْزِئُ صِيَامُ رَمَضَانَ وَكُلُّ صَوْمٍ مُتَعَيِّنٍ بِنِيَّةٍ مِنْ النَّهَارِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْسَلَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إلَى قُرَى الْأَنْصَارِ الَّتِي حَوْلَ الْمَدِينَةِ: «مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَكَانَ صَوْمًا وَاجِبًا مُتَعَيِّنًا، وَلِأَنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ، فَهُوَ كَالتَّطَوُّعِ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 3  صفحه : 109
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست