responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 509
فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَسْقُطُ الزَّكَاةُ بِتَلَفِ النِّصَابِ عَلَى كُلِّ حَالٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ قَدْ طَالَبَهُ بِهَا فَمَنَعَهَا؛ لِأَنَّهُ تَلَفٌ قَبْلَ مَحَلِّ الِاسْتِحْقَاقِ، فَسَقَطَتْ الزَّكَاةُ، كَمَا لَوْ تَلْفِت الثَّمَرَةُ قَبْلَ الْجِذَاذِ، وَلِأَنَّهُ حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ، فَسَقَطَ بِتَلَفِهَا، كَأَرْشِ الْجِنَايَةِ فِي الْعَبْدِ الْجَانِي. وَمَنْ اشْتَرَطَ التَّمَكُّنَ قَالَ: هَذِهِ عِبَادَةٌ يَتَعَلَّقُ وُجُوبُهَا بِالْمَالِ، فَيَسْقُطُ فَرْضُهَا بِتَلَفِهِ قَبْلَ إمْكَانِ أَدَائِهَا، كَالْحَجِّ.
وَمَنْ نَصَرَ الْأَوَّلَ قَالَ: مَالٌ وَجَبَ فِي الذِّمَّةِ، فَلَمْ يَسْقُطْ بِتَلَفِ النِّصَابِ، كَالدَّيْنِ، أَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي ضَمَانِهِ إمْكَانُ الْأَدَاءِ، كَثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَالثَّمَرَةُ لَا تَجِبُ زَكَاتُهَا فِي الذِّمَّةِ حَتَّى تُحْرَزَ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ غَيْرِ الْمَقْبُوضِ، وَلِهَذَا لَوْ تَلِفَتْ بِجَائِحَةٍ كَانَتْ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ. وَإِذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْعَيْنِ، فَلَيْسَ هُوَ بِمَعْنَى اسْتِحْقَاقِ جُزْءٍ مِنْهُ، وَلِهَذَا لَا يُمْنَعُ التَّصَرُّفُ فِيهِ، وَالْحَجُّ لَا يَجِبُ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ الْأَدَاءِ، فَإِذَا وَجَبَ لَمْ يَسْقُطْ بِتَلَفِ الْمَالِ، بِخِلَافِ الزَّكَاةِ، فَإِنَّ التَّمَكُّنَ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِوُجُوبِهَا، عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ.
وَالصَّحِيحُ، إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَنَّ الزَّكَاةَ تَسْقُطُ بِتَلَفِ الْمَالِ، إذَا لَمْ يُفَرِّطْ فِي الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَاسَاةِ، فَلَا تَجِبُ عَلَى وَجْهٍ يَجِبُ أَدَاؤُهَا مَعَ عَدَمِ الْمَالِ وَفَقْرِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ، وَمَعْنَى التَّفْرِيطِ، أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ إخْرَاجِهَا فَلَا يُخْرِجُهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إخْرَاجِهَا، فَلَيْسَ بِمُفْرِطٍ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ لِعَدَمِ الْمُسْتَحِقِّ، أَوْ لِبُعْدِ الْمَالِ عَنْهُ، أَوْ لِكَوْنِ الْفَرْضِ لَا يُوجَدُ فِي الْمَالِ، وَيَحْتَاجُ إلَى شِرَائِهِ، فَلَمْ يَجِدْ مَا يَشْتَرِيه، أَوْ كَانَ فِي طَلَبِ الشِّرَاءِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِهَا بَعْدَ تَلَفِ الْمَالِ، فَأَمْكَنَ الْمَالِكَ أَدَاؤُهَا أَدَّاهَا، وَإِلَّا أُنْظِرَ بِهَا إلَى مَيْسَرَتِهِ، وَتَمَكُّنِهِ مِنْ أَدَائِهَا مِنْ غَيْرِ مَضَرَّةٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَزِمَ إنْظَارُهُ بِدَيْنِ الْآدَمِيِّ الْمُتَعَيِّنِ فَبِالزَّكَاةِ الَّتِي هِيَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْلَى.

[فَصْلُ لَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ بِمَوْتِ رَبِّ الْمَالِ]
(1815) فَصْلٌ: وَلَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ بِمَوْتِ رَبِّ الْمَالِ، وَتُخْرَجُ مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا. هَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَاللَّيْثُ، تُؤْخَذُ مِنْ الثُّلُثِ، مُقَدَّمَةً عَلَى الْوَصَايَا، وَلَا يُجَاوِزُ الثُّلُثَ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَدَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، وَالْمُثَنَّى، وَالثَّوْرِيُّ: لَا تُخْرَجُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَوْصَى بِهَا.
وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَجَعَلُوهَا إذَا أَوْصَى بِهَا وَصِيَّةً تُخْرَجُ مِنْ الثُّلُثِ، وَيُزَاحَمُ بِهَا أَصْحَابُ الْوَصَايَا، وَإِذَا لَمْ يُوصِ بِهَا سَقَطَتْ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مِنْ شَرْطِهَا النِّيَّةُ، فَسَقَطَتْ بِمَوْتِ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ، كَالصَّوْمِ. وَلَنَا، أَنَّهَا حَقٌّ وَاجِبٌ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ، فَلَمْ تَسْقُطْ بِالْمَوْتِ، كَدَيْنِ الْآدَمِيِّ، وَلِأَنَّهَا حَقٌّ مَالِيٌّ وَاجِبٌ فَلَمْ يَسْقُطْ بِمَوْتِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، كَالدَّيْنِ، وَيُفَارِقُ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ، فَإِنَّهُمَا عِبَادَتَانِ بَدَنِيَّتَانِ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِمَا، وَلَا النِّيَابَةُ فِيهِمَا. اهـ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 509
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست