responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 455
وَلَنَا مَا رَوَى الْبُخَارِيُّ، فِي حَدِيثِ أَنَسٍ الَّذِي ذَكَرْنَا أَوَّلَهُ: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ» وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ ". وَلَا يَجِيءُ التَّرَاجُعُ إلَّا عَلَى قَوْلِنَا فِي خُلْطَةِ الْأَوْصَافِ. وَقَوْلُهُ: لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ. إنَّمَا يَكُونُ هَذَا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ، فَإِنَّ الْوَاحِدَ يَضُمُّ مَالَهُ بَعْضَهُ إلَى بَعْضٍ، وَإِنْ كَانَ فِي أَمَاكِنَ، وَهَكَذَا لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ.
وَلِأَنَّ لِلْخُلْطَةِ تَأْثِيرًا فِي تَخْفِيفِ الْمُؤْنَةِ، فَجَازَ أَنْ تُؤَثِّرَ فِي الزَّكَاةِ كَالسَّوْمِ وَالسَّقْيِ، وَقِيَاسُهُمْ مَعَ مُخَالَفَةِ النَّصِّ غَيْرُ مَسْمُوعٍ. إذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّ خُلْطَةَ الْأَوْصَافِ يُعْتَبَرُ فِيهَا اشْتِرَاكُهُمْ فِي خَمْسَةِ أَوْصَافٍ: الْمَسْرَحُ، وَالْمَبِيتُ، وَالْمَحْلَبُ، وَالْمَشْرَبُ، وَالْفَحْلُ. قَالَ أَحْمَدُ: الْخَلِيطَانِ أَنْ يَكُونَ رَاعِيهُمَا وَاحِدًا، وَمُرَاحُهُمَا وَاحِدًا، وَشِرْبُهُمَا وَاحِدًا. وَقَدْ ذَكَرَ أَحْمَدُ فِي كَلَامِهِ شَرْطًا سَادِسًا، وَهُوَ الرَّاعِي.
قَالَ الْخِرَقِيِّ: " وَكَانَ مَرْعَاهُمْ وَمَسْرَحُهُمْ وَاحِدًا ". فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَرْعَى الرَّاعِيَ، لِيَكُونَ مُوَافِقًا لِقَوْلِ أَحْمَدَ، وَلِكَوْنِ الْمَرْعَى هُوَ الْمَسْرَحُ. قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: الْمَرْعَى وَالْمَسْرَحُ شَرْطٌ وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَحْمَدُ الْمَسْرَحَ لِيَكُونَ فِيهِ رَاعٍ وَاحِدٌ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا مَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ، فِي " سُنَنِهِ "، بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ» وَالْخَلِيطَانِ مَا اجْتَمَعَا فِي الْحَوْضِ وَالْفَحْلِ وَالرَّاعِي " وَرُوِيَ " الْمَرْعَى ".
وَبِنَحْوٍ مِنْ هَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ: لَا يُعْتَبَرُ فِي الْخُلْطَةِ إلَّا شَرْطَانِ: الرَّاعِي، وَالْمَرْعَى؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ ". وَالِاجْتِمَاعُ يَحْصُلُ بِذَلِكَ، وَيُسَمَّى خُلْطَةً، فَاكْتُفِيَ بِهِ. وَلَنَا، قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَالْخَلِيطَانِ: مَا اجْتَمَعَا فِي الْحَوْضِ وَالرَّاعِي وَالْفَحْلِ.» فَإِنَّ قِيلَ: فَلِمَ اعْتَبَرْتُمْ زِيَادَةً عَلَى هَذَا؟ قُلْنَا: هَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى بَقِيَّةِ الشَّرَائِطِ، وَإِلْغَاءٌ لِمَا ذَكَرُوهُ، وَلِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَوْصَافِ تَأْثِيرًا. فَاعْتُبِرَ كَالْمَرْعَى.
إذَا ثَبَتَ هَذَا فَالْمَبِيتُ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ الْمُرَاحُ الَّذِي تَرُوحُ إلَيْهِ الْمَاشِيَةُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} [النحل: 6] . وَالْمَسْرَحُ وَالْمَرْعَى وَاحِدٌ، وَهُوَ الَّذِي تَرْعَى فِيهِ الْمَاشِيَةُ، يُقَالُ: سَرَحَتْ الْغَنَمُ، إذَا مَضَتْ إلَى الْمَرْعَى، وَسَرَحْتهَا، أَيْ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّثْقِيلِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَحِينَ تَسْرَحُونَ} [النحل: 6] . وَالْمَحْلَبُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي تُحْلَبُ فِيهِ الْمَاشِيَةُ، يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا، وَلَا يُفْرِدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِحَلْبِ مَاشِيَتِهِ مَوْضِعًا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ خَلْطَ اللَّبَنِ فِي إنَاءٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُرْفِقٍ، بَلْ مَشَقَّةٌ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَاجَةِ إلَى قَسْمِ اللَّبَنِ.
وَمَعْنَى كَوْنِ الْفَحْلِ وَاحِدًا، أَنْ لَا تَكُونَ فُحُولَةُ أَحَدِ الْمَالَيْنِ لَا تَطْرُقُ غَيْرَهُ. وَكَذَلِكَ الرَّاعِي، هُوَ أَنْ لَا يَكُونَ لِكُلِّ مَالٍ رَاعٍ، يَنْفَرِدُ بِرِعَايَتِهِ دُونَ الْآخَرِ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 455
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست