responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 448
وَوَاحِدَةٍ، فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ، حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعَمِائَةِ شَاةٍ، فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ ". وَهَذَا نَصٌّ لَا يَجُوزُ خِلَافُهُ إلَّا بِمِثْلِهِ أَوْ أَقْوَى مِنْهُ، وَتَحْدِيدُ النِّصَابِ لِاسْتِقْرَارِ الْفَرِيضَةِ، لَا لِلْغَايَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةُ لَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ تَيْسٌ وَلَا هَرِمَةٌ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ]
(1716) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ تَيْسٌ، وَلَا هَرِمَةٌ، وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ) ذَاتُ الْعَوَارِ: الْمَعِيبَةُ. وَهَذِهِ الثَّلَاثُ لَا تُؤْخَذُ لِدَنَاءَتِهَا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] . وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَلَا يُخْرَجُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ، وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ، وَلَا تَيْسٌ، إلَّا مَا شَاءَ الْمُصَدِّقُ» . وَقَدْ قِيلَ: لَا يُؤْخَذُ تَيْسُ الْغَنَمِ، وَهُوَ فَحْلُهَا لِفَضِيلَتِهِ.
وَكَانَ أَبُو عُبَيْدٍ يَرْوِي الْحَدِيثَ: " إلَّا مَا شَاءَ الْمُصَدَّقُ ". بِفَتْحِ الدَّالِ. يَعْنِي صَاحِبَ الْمَالِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْحَدِيثِ رَاجِعًا إلَى التَّيْسِ وَحْدَهُ. وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّ جَمِيعَ الرُّوَاةِ يُخَالِفُونَهُ فِي هَذَا، فَيَرْوُونَهُ: " الْمُصَدِّقُ " بِكَسْرِ الدَّالِ، أَيْ الْعَامِلُ. وَقَالَ: التَّيْسُ لَا يُؤْخَذُ؛ لِنَقْصِهِ، وَفَسَادِ لَحْمِهِ، وَكَوْنِهِ ذَكَرًا، وَعَلَى هَذَا لَا يَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ، وَهُوَ السَّاعِي، أَحَدَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، إلَّا أَنْ يَرَى ذَلِكَ، بِأَنْ يَكُونَ جَمِيعُ النِّصَابِ مِنْ جِنْسِهِ فَيَكُونَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ جِنْسِ الْمَالِ فَيَأْخُذَ هَرِمَةً، وَهِيَ الْكَبِيرَةُ مِنْ الْهَرِمَاتِ، وَذَاتَ عَوَارٍ مِنْ أَمْثَالِهَا، وَتَيْسًا مِنْ التُّيُوسِ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إنَّ رَأَى الْمُصَدِّقُ أَنَّ أَخْذَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ خَيْرٌ لَهُ، وَأَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ، فَلَهُ أَخْذُهُ؛ لِظَاهِرِ الِاسْتِثْنَاءِ. وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ الذَّكَرِ فِي شَيْءٍ مِنْ الزَّكَاةِ، إذَا كَانَ فِي النِّصَابِ إنَاثٌ، فِي غَيْرِ أَتْبِعَةِ الْبَقَرِ وَابْنِ اللَّبُونِ، بَدَلًا عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ إذَا عَدِمَهَا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ إخْرَاجُ الذَّكَرِ مِنْ الْغَنَمِ الْإِنَاثِ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ» . وَلَفْظُ الشَّاةِ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَلِأَنَّ الشَّاةَ إذَا أُمِرَ بِهَا مُطْلَقًا، أَجْزَأَ فِيهَا الذَّكَرُ، كَالْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ.
وَلَنَا، أَنَّهُ حَيَوَانٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ، فَكَانَتْ الْأُنُوثَةُ مُعْتَبَرَةً فِي فَرْضِهِ، كَالْإِبِلِ، وَالْمُطْلَقُ يَتَقَيَّدُ بِالْقِيَاسِ عَلَى سَائِرِ النُّصُبِ، وَالْأُضْحِيَّةُ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ بِالْمَالِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا. فَإِنْ قِيلَ: فَمَا فَائِدَةُ تَخْصِيصِ التَّيْسِ بِالنَّهْيِ إذَا؟ قُلْنَا: لِأَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ عَنْ الذُّكُورِ أَيْضًا، فَلَوْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ ذَكَرًا وَفِيهَا تَيْسٌ مُعَدٌّ لِلضِّرَابِ، لَمْ يَجُزْ أَخْذُهُ؛ إمَّا لِفَضِيلَتِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُعَدُّ لِلضِّرَابِ إلَّا أَفْضَلُ الْغَنَمِ وَأَعْظَمُهَا، وَإِمَّا لِدَنَاءَتِهِ وَفَسَادِ لَحْمِهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُمْنَعَ مِنْ أَخْذِهِ لِلْمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا. وَإِنْ كَانَ النِّصَابُ كُلُّهُ ذُكُورًا، جَازَ إخْرَاجُ الذَّكَرِ فِي الْغَنَمِ وَجْهًا وَاحِدًا، وَفِي الْبَقَرِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْإِبِلِ وَجْهَانِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ النُّصُبِ الثَّلَاثَةِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصَّ عَلَى الْأُنْثَى فِي فَرَائِضِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، وَأَطْلَقَ الشَّاةَ الْوَاجِبَةَ، وَقَالَ فِي الْإِبِلِ «مَنْ لَمْ يَجِدْ بِنْتَ مَخَاضٍ، أَخْرَجَ ابْنَ لَبُونٍ ذَكَرًا» . وَمِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَنَّ الْإِبِلَ يَتَغَيَّرُ فَرْضُهَا بِزِيَادَةِ السِّنِّ، فَإِذَا جَوَّزْنَا إخْرَاجَ الذَّكَرِ أَفْضَى إلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُخْرِجُ ابْنَ لَبُونٍ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَيُخْرِجُهُ عَنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ، وَهَذَا الْمَعْنَى يَخْتَصُّ الْإِبِلَ.
فَإِنْ قِيلَ: فَالْبَقَرُ أَيْضًا يَأْخُذُ مِنْهَا تَبِيعًا عَنْ ثَلَاثِينَ، وَتَبِيعًا عَنْ أَرْبَعِينَ إذَا كَانَتْ أَتْبِعَةً كُلُّهَا، وَقُلْنَا: تُؤْخَذُ الصَّغِيرَةُ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 448
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست