responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 394
خِلَافًا، إلَّا عَنْ الْحَسَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَا: يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ، مَا مَاتَ مَيِّتٌ إلَّا جُنُبًا. وَالِاقْتِدَاءُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ فِي تَرْكِ غُسْلِهِمْ أَوْلَى.
فَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ. وَعَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ. اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ. وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ. إلَّا أَنَّ كَلَامَ أَحْمَدَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ مُسْتَحَبَّةٌ، غَيْرُ وَاجِبَةٍ. قَالَ فِي مَوْضِعٍ: إنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ، قَالَ: يُصَلَّى، وَأَهْلُ الْحِجَازِ لَا يُصَلُّونَ عَلَيْهِ، وَمَا تَضُرُّهُ الصَّلَاةُ، لَا بَأْسَ بِهِ.
وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ، فَقَالَ: الصَّلَاةُ عَلَيْهِ أَجْوَدُ، وَإِنْ لَمْ يُصَلُّوا عَلَيْهِ أَجْزَأَ. فَكَأَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ فِي اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ، لَا فِي وُجُوبِهَا، إحْدَاهُمَا يُسْتَحَبُّ؛ لِمَا رَوَى عُقْبَةُ، أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ يَوْمًا، فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إلَى الْمِنْبَرِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ» . وَلَنَا، مَا رَوَى جَابِرٌ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِدَفْنِ شُهَدَاءِ أُحُدٍ فِي دِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ مَعَ إمْكَانِ غُسْلِهِ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ، كَسَائِرِ مَنْ لَمْ يُغَسَّلْ، وَحَدِيثُ عُقْبَةَ مَخْصُوصٌ بِشُهَدَاءِ أُحُدٍ، فَإِنَّهُ صَلَّى عَلَيْهِمْ فِي الْقُبُورِ بَعْدَ ثَمَانِي سِنِينَ، وَهُمْ لَا يُصَلُّونَ عَلَى الْقَبْرِ أَصْلًا، وَنَحْنُ لَا نُصَلِّي عَلَيْهِ بَعْدَ شَهْرٍ. وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْوِيهِ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ شُعْبَةُ رِوَايَةَ هَذَا الْحَدِيثِ. وَقَالَ: إنَّ جَرِيرَ بْنَ حَازِمٍ يُكَلِّمُنِي فِي أَنْ لَا أَتَكَلَّمْ فِي الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، وَكَيْفَ لَا أَتَكَلَّمُ فِيهِ وَهُوَ يَرْوِي هَذَا الْحَدِيثَ
ثُمَّ نَحْمِلُهُ عَلَى الدُّعَاءِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا فَيَحْتَمِلُ أَنَّ تَرْكَ غُسْلِ الشَّهِيدِ لِمَا تَضَمَّنَهُ الْغُسْلُ مِنْ إزَالَةِ أَثَرِ الْعِبَادَةِ الْمُسْتَحْسَنَةِ شَرْعًا، فَإِنَّهُ جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ، إلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَاللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ، وَالرِّيحُ رِيحُ مِسْكٍ.» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قَطْرَتَيْنِ وَأَثَرَيْنِ: أَمَّا الْأَثَرَانِ، فَأَثَرٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَثَرٌ فِي فَرِيضَةٍ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى.» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَدْ جَاءَ ذِكْرُ هَذِهِ الْعِلَّةِ فِي الْحَدِيثِ، فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَعْلَبَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «زَمِّلُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ كَلْمٌ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إلَّا يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدْمَى، لَوْنُهُ لَوْنُ الدَّمِ، وَرِيحُهُ رِيحُ الْمِسْكِ.» رَوَاهُ النَّسَائِيّ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 394
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست