responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 310
أَوْ مُتَابَعَةُ الْعَمَلِ لِلْمُتَنَازَعِ فِيهِ، وَهُوَ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ، فَتَعَيَّنَ فِعْلُهُ وَصِحَّةُ الصَّلَاةِ مَعَهُ. ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ يَبْطُلُ بِالْمَشْيِ الْكَثِيرِ، وَالْعَدْوِ فِي الْهَرَبِ وَغَيْرِهِ.
وَأَمَّا تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ، أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ صَلَاةِ الْخَوْفِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ شَغَلَهُ الْمُشْرِكُونَ فَنَسِيَ الصَّلَاةَ، فَقَدْ نُقِلَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا مَضَى، وَأَكَّدَهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ لَمْ يَكُونُوا فِي مُسَايَفَةٍ تُوجِبُ قَطْعَ الصَّلَاةِ. وَأَمَّا الصِّيَاحُ، وَالْحَدَثُ، فَلَا حَاجَةَ بِهِمْ إلَيْهِ، وَيُمْكِنُهُمْ التَّيَمُّمُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ مُبْطِلًا مَعَ عَدَمِ الْعُذْرِ أَنْ يُبْطِلَ مَعَهُ، كَخُرُوجِ النَّجَاسَةِ مِنْ الْمُسْتَحَاضَةِ، وَمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ.
وَإِنْ هَرَبَ مِنْ الْعَدُوِّ هَرَبًا مُبَاحًا، أَوْ مِنْ سَيْلٍ، أَوْ سَبُعٍ، أَوْ حَرِيقٍ لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ بِدُونِ الْهَرَبِ. فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ، سَوَاءٌ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ، أَوْ أَهْلِهِ. وَالْأَسِيرُ إذَا خَافَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ إنْ صَلَّى، وَالْمُخْتَفِي فِي مَوْضِعٍ، يُصَلِّيَانِ كَيْفَمَا أَمْكَنَهُمَا. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي الْأَسِيرِ. وَلَوْ كَانَ الْمُخْتَفِي قَاعِدًا لَا يُمْكِنُهُ الْقِيَامُ، أَوْ مَضْجَعًا لَا يُمْكِنُهُ الْقُعُودُ، وَلَا الْحَرَكَةُ، صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ.
وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُصَلِّي وَيُعِيدُ. وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ خَائِفٌ صَلَّى عَلَى حَسَبِ مَا يُمْكِنُهُ، فَلَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ كَالْهَارِبِ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فِي هَذَا؛ لِأَنَّ الْمُبِيحَ خَوْفُ الْهَلَاكِ، وَقَدْ تَسَاوَيَا فِيهِ، وَمَتَى أَمْكَنَ التَّخَلُّصُ بِدُونِ ذَلِكَ، كَالْهَارِبِ مِنْ السَّيْلِ يَصْعَدُ إلَى رَبْوَةٍ، وَالْخَائِفِ مِنْ الْعَدُوِّ يُمْكِنُهُ دُخُولُ حِصْنٍ يَأْمَنُ فِيهِ صَوْلَةَ الْعَدُوِّ، وَلُحُوقَ الضَّرَرِ، فَيُصَلِّي فِيهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا أُبِيحَتْ لِلضَّرُورَةِ، فَاخْتَصَّتْ بِوُجُودِ الضَّرُورَةِ.
(1459) فَصْلٌ: وَالْعَاصِي بِهَرَبِهِ كَاَلَّذِي يَهْرُبُ مِنْ حَقٍّ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ، وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ، وَاللِّصُّ، وَالسَّارِقُ، لَيس لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْخَوْفِ؛ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ ثَبَتَتْ لِلدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ فِي مَحَلٍّ مُبَاحٍ، فَلَا تَثْبُتُ بِالْمَعْصِيَةِ، كَرُخَصِ السَّفَرِ. (1460) فَصْلٌ: قَالَ أَصْحَابُنَا: يَجُوزُ أَنْ يُصَلُّوا فِي حَالِ شِدَّةِ الْخَوْفِ جَمَاعَةً، رِجَالًا، وَرُكْبَانًا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجُوزَ ذَلِكَ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ إلَى التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ، وَرُبَّمَا تَقَدَّمُوا الْإِمَامَ، وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِمْ الِائْتِمَامُ.
وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِأَنَّهَا حَالَةٌ يَجُوزُ فِيهَا الصَّلَاةُ عَلَى الِانْفِرَادِ، فَجَازَ فِيهَا صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ، كَرُكُوبِ السَّفِينَةِ، وَيُعْفَى عَنْ تَقَدُّمِ الْإِمَامِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ، كَالْعَفْوِ عَنْ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ. وَلِمَنْ نَصَرَ الْأَوَّلَ أَنْ يَقُولَ: الْعَفْوُ عَنْ ذَلِكَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِنَصٍّ أَوْ مَعْنَى نَصٍّ، وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَلَيْسَ هَذَا فِي مَعْنَى الْعَمَلِ الْكَثِيرِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ الْكَثِيرَ لَا يَخْتَصُّ الْإِمَامَةَ، بَلْ هُوَ فِي حَالِ الِانْفِرَادِ، كَحَالِ الِائْتِمَامِ، فَلَا يُؤَثِّرُ الِانْفِرَادُ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ تَقَدُّمِ الْإِمَامِ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 310
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست