responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 300
وَلَنَا، مَا رَوَى «صَالِحُ بْنُ خَوَّاتٍ، عَمَّنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَاةَ الْخَوْفِ، أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ، وَطَائِفَةً وِجَاهَ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِاَلَّتِي مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ انْصَرَفُوا وَصَفُّوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ، وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى، فَصَلَّى بِهِمْ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ صَلَاتِهِ، ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ.» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَالْعَمَلُ بِهَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَحْوَطُ لِلصَّلَاةِ وَالْحَرْبِ.
أَمَّا مُوَافَقَةُ الْكِتَابِ، فَإِنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} [النساء: 102] . يَقْتَضِي أَنَّ جَمِيعَ صَلَاتِهَا مَعَهُ، وَعِنْدَهُ تُصَلِّي مَعَهُ رَكْعَةً فَقَطْ، وَعِنْدَنَا جَمِيعُ صَلَاتِهَا مَعَهُ، إحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ تُوَافِقُهُ فِي أَفْعَالِهِ وَقِيَامِهِ، وَالثَّانِيَةُ تَأْتِي بِهَا قَبْلَ سَلَامِهِ، ثُمَّ تُسَلِّمُ مَعَهُ، وَمِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ: لَمْ يُصَلُّوا أَنَّ الطَّائِفَةَ الْأُولَى قَدْ صَلَّتْ جَمِيعَ صَلَاتِهَا، وَعَلَى قَوْلِهِمْ: لَمْ تُصَلِّ إلَّا بَعْضَهَا.
وَأَمَّا الِاحْتِيَاطُ لِلصَّلَاةِ، فَإِنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ تَأْتِي بِصَلَاتِهَا مُتَوَالِيَةً، بَعْضُهَا تُوَافِقُ الْإِمَامَ فِيهَا فِعْلًا، وَبَعْضُهَا تُفَارِقُهُ، وَتَأْتِي بِهِ وَحْدَهَا كَالْمَسْبُوقِ.
وَعِنْدَهُ تَنْصَرِفُ فِي الصَّلَاةِ، فَإِمَّا أَنْ تَمْشِيَ، وَإِمَّا أَنْ تَرْكَبَ، وَهَذَا عَمَلٌ كَثِيرٌ، وَتَسْتَدْبِرُ الْقِبْلَةَ، وَهَذَا يُنَافِي الصَّلَاةَ، وَتَفَرَّقُ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ تَفْرِيقًا كَثِيرًا بِمَا يُنَافِيهَا. ثُمَّ جَعَلُوا الطَّائِفَةَ الْأُولَى مُؤْتَمَّةً بِالْإِمَامِ بَعْدَ سَلَامِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ مَأْمُومًا فِي رَكْعَةٍ يَأْتِي بِهَا بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ.
وَأَمَّا الِاحْتِيَاطُ لِلْحَرْبِ، فَإِنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ الضَّرْبِ وَالطَّعْنِ وَالتَّحْرِيضِ، وَإِعْلَامِ غَيْرِهِ بِمَا يَرَاهُ مِمَّا خَفِيَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الْعَدُوِّ وَتَحْذِيرِهِ، وَإِعْلَامِ الَّذِينَ مَعَ الْإِمَامِ بِمَا يَحْدُثُ، وَلَا يُمْكِنُ هَذَا عَلَى قَوْلِهِمْ، وَلِأَنَّ مَبْنَى صَلَاةِ الْخَوْفِ عَلَى التَّخْفِيفِ؛ لِأَنَّهُمْ فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.
وَعَلَى قَوْلِهِمْ تَطُولُ الصَّلَاةُ أَضْعَافَ مَا كَانَتْ حَالَ الْأَمْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ تَحْتَاجُ إلَى مُضِيٍّ إلَى مَكَانِ الصَّلَاةِ، وَرُجُوعٍ إلَى وِجَاهِ الْعَدُوِّ، وَانْتِظَارٍ لِمُضِيِّ الطَّائِفَةِ الْأُخْرَى وَرُجُوعِهَا، فَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمَكَانَيْنِ نِصْفُ مِيلٍ، تَحْتَاجُ كُلُّ طَائِفَةٍ إلَى مَشْيِ مِيلٍ، وَانْتِظَارٍ لِلْأُخْرَى قَدْرَ مَشْيِ مِيلٍ وَهِيَ فِي الصَّلَاةِ، ثُمَّ تَحْتَاجُ إلَى تَكْلِيفِ الرُّجُوعِ إلَى مَوْضِعِ الصَّلَاةِ لِإِتْمَامِ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ.
وَلَا مَصْلَحَةٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ، فَلَوْ احْتَاجَ الْآمِنُ إلَى مِثْلِ هَذِهِ الْكُلْفَةِ فِي الْجَمَاعَةِ لَسَقَطَتْ عَنْهُ، فَكَيْفَ يُكَلَّفُ الْخَائِفُ هَذَا وَهُوَ فِي مَظِنَّةِ التَّخْفِيفِ، وَالْحَاجَةِ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 300
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست