responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 260
وَلَعَلَّ قَوْلَ أَحْمَدَ، وَمَنْ وَافَقَهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى، فِيمَا إذَا تَرَكُوا مَكَانًا وَاسِعًا، مِثْلُ الَّذِينَ يَصُفُّونَ فِي آخِرِ الْمَسْجِدِ، وَيَتْرُكُونَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ صُفُوفًا خَالِيَةً، فَهَؤُلَاءِ لَا حُرْمَةَ لَهُمْ
كَمَا قَالَ الْحَسَنُ؛ لِأَنَّهُمْ خَالَفُوا أَمْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَغِبُوا عَنْ الْفَضِيلَةِ وَخَيْرِ الصُّفُوفِ، وَجَلَسُوا فِي شَرِّهَا، وَلِأَنَّ تَخَطِّيَهُمْ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ الثَّانِي فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يُفَرِّطُوا، وَإِنَّمَا جَلَسُوا فِي مَكَانِهِمْ؛ لِامْتِلَاءِ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، لَكِنْ فِيهِ سَعَةٌ يُمْكِنُ الْجُلُوسُ فِيهِ لِازْدِحَامِهِمْ، وَمَتَى كَانَ لَمْ يُمْكِنْ الصَّلَاةُ إلَّا بِالدُّخُولِ وَتَخَطِّيهِمْ، جَازَ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ.

[فَصْلٌ إذَا جَلَسَ فِي مَكَان ثُمَّ بَدَتْ لَهُ حَاجَةٌ أَوْ احْتَاجَ إلَى الْوُضُوءِ]
(1371) فَصْلٌ: إذَا جَلَسَ فِي مَكَان، ثُمَّ بَدَتْ لَهُ حَاجَةٌ، أَوْ احْتَاجَ إلَى الْوُضُوءِ، فَلَهُ الْخُرُوجُ. «قَالَ عُقْبَةُ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ الْعَصْرَ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ مُسْرِعًا، فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إلَى حُجَرِ بَعْضِ نِسَائِهِ فَقَالَ: ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ عِنْدَنَا فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي، فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، فَإِذَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» .
وَحُكْمُهُ فِي التَّخَطِّي إلَى مَوْضِعِهِ حُكْمُ مَنْ رَأَى بَيْنَ يَدَيْهِ فُرْجَةً. (1372) فَصْلٌ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ إنْسَانًا وَيَجْلِسَ فِي مَوْضِعِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَكَانُ رَاتِبًا لِشَخْصٍ يَجْلِسُ فِيهِ، أَوْ مَوْضِعَ حَلْقَةٍ لِمَنْ يُحَدِّثُ فِيهَا، أَوْ حَلْقَةً لِلْفُقَهَاءِ يَتَذَاكَرُونَ فِيهَا، أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُقِيمَ الرَّجُلُ - يَعْنِي أَخَاهُ - مِنْ مَقْعَدِهِ، وَيَجْلِسَ فِيهِ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِأَنَّ الْمَسْجِدَ بَيْتُ اللَّهِ، وَالنَّاسُ فِيهِ سَوَاءٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [الحج: 25] فَمَنْ سَبَقَ إلَى مَكَان فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ سَبَقَ إلَى مَاءٍ لَمْ يَسْبِقْ إلَيْهِ مُسْلِمٌ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَكَمَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ، وَمَشَارِعِ الْمِيَاهِ وَالْمَعَادِنِ، فَإِنْ قَدَّمَ صَاحِبًا لَهُ، فَجَلَسَ فِي مَوْضِعٍ، حَتَّى إذَا جَاءَ قَامَ النَّائِبُ وَأَجْلَسَهُ، جَازَ؛ لِأَنَّ النَّائِبَ يَقُومُ بِاخْتِيَارِهِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ كَانَ يُرْسِلُ غُلَامًا لَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَيَجْلِسُ فِيهِ، فَإِذَا جَاءَ مُحَمَّدٌ قَامَ الْغُلَامُ، وَجَلَسَ مُحَمَّدٌ فِيهِ.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَائِبًا فَقَامَ لِيَجْلِسَ آخَرُ فِي مَكَانِهِ، فَلَهُ الْجُلُوسُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَامَ بِاخْتِيَارِ نَفْسِهِ، فَأَشْبَهَ النَّائِبَ.
وَأَمَّا الْقَائِمُ فَإِنْ انْتَقَلَ إلَى مِثْلِ مَكَانِهِ الَّذِي آثَرَ بِهِ فِي الْقُرْبِ، وَسَمَاعِ الْخُطْبَةِ، فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ انْتَقَلَ إلَى مَا دُونَهُ، كُرِهَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يُؤْثِرُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الدِّينِ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُكْرَهَ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ أَهْلِ الْفَضْلِ إلَى مَا يَلِي الْإِمَامَ مَشْرُوعٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى» وَلَوْ آثَرَ شَخْصًا بِمَكَانِهِ، لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِهِ أَنْ يَسْبِقَهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْجَالِسِ آثَرَ بِهِ غَيْرَهُ فَقَامَ مَقَامَهُ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 260
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست