responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 224
سُوءٍ. قَالَ: فَمَا قَوْلُكَ فِي مَنْ رَدَّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: قُلْتُ كَافِرٌ. ثُمَّ مَكَثَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: مَا قَوْلُكَ فِي مَنْ رَدَّ عَلَى الْعَلِيِّ الْأَعْلَى؟ ثُمَّ غُشِيَ عَلَيْهِ، فَمَكَثَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: رَدُّوا عَلَيْهِ وَاَللَّهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] قَالَهَا وَاَللَّهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ بَنِي الْعَبَّاسِ يَسْأَلُونَهَا.
إذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّهَا لَا تُعَادُ خَلْفَ مَنْ يُعَادُ خَلْفَهُ بَقِيَّةُ الصَّلَوَاتِ.
وَحُكِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهَا لَا تُعَادُ. وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى. وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الصَّحَابَةِ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُعِيدُونَهَا، فَإِنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ ذَلِكَ.

[مَسْأَلَةٌ إذَا فَرَغُوا مِنْ الْأَذَانِ خَطَبَهُمْ قَائِمًا]
(1298) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِذَا فَرَغُوا مِنْ الْأَذَانِ خَطَبَهُمْ قَائِمًا) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْخُطْبَةَ شَرْطٌ فِي الْجُمُعَةِ، لَا تَصِحُّ بِدُونِهَا كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا، إلَّا الْحَسَنَ، قَالَ: تُجْزِئُهُمْ جَمِيعَهُمْ، خَطَبَ الْإِمَامُ أَوْ لَمْ يَخْطُبْ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةُ عِيدٍ، فَلَمْ تُشْتَرَطْ لَهَا الْخُطْبَةُ، كَصَلَاةِ الْأَضْحَى.
وَلَنَا، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] وَالذِّكْرُ هُوَ الْخُطْبَةُ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا تَرَكَ الْخُطْبَةَ لِلْجُمُعَةِ فِي حَالٍ؛ وَقَدْ قَالَ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: قَصُرَتْ الصَّلَاةُ لِأَجْلِ الْخُطْبَةِ. وَقَوْلُ عَائِشَةَ نَحْوٌ مِنْ هَذَا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كَانَتْ الْجُمُعَةُ أَرْبَعًا فَجُعِلَتْ الْخُطْبَةُ مَكَانَ الرَّكْعَتَيْنِ.
وَقَوْلُهُ: " خَطَبَهُمْ قَائِمًا ". يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ اشْتِرَاطَ الْقِيَامِ فِي الْخُطْبَةِ، وَأَنَّهُ مَتَى خَطَبَ قَاعِدًا لِغَيْرِ عُذْرٍ، لَمْ تَصِحَّ. وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ أَحْمَدَ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
قَالَ الْأَثْرَمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُسْأَلُ عَنْ الْخُطْبَةِ قَاعِدًا، أَوْ يَقْعُدُ فِي إحْدَى الْخُطْبَتَيْنِ؟ فَلَمْ يُعْجِبْهُ، وَقَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11] وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ قَائِمًا. فَقَالَ لَهُ الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَجْلِسُ فِي خُطْبَتِهِ فَظَهَرَ مِنْهُ إنْكَارٌ.
وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ الْقَاضِي: يُجْزِئُهُ الْخُطْبَةُ قَاعِدًا. وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ الِاسْتِقْبَالُ، فَلَمْ يَجِبْ لَهُ الْقِيَامُ كَالْأَذَانِ. وَوَجْهُ الْأَوَّلِ مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ وَهُوَ قَائِمٌ، يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا، ثُمَّ يَجْلِسُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ قَائِمًا، فَمَنْ نَبَّأَكَ أَنَّهُ يَخْطُبُ جَالِسًا فَقَدْ كَذَبَ، فَقَدْ وَاَللَّهِ صَلَّيْتُ مَعَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفَيْ صَلَاةٍ.» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ.
فَأَمَّا إنْ قَعَدَ لِعُذْرٍ، مِنْ مَرَضٍ، أَوْ عَجْزٍ عَنْ الْقِيَامِ، فَلَا بَأْسَ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَصِحُّ مِنْ الْقَاعِدِ الْعَاجِزِ عَنْ الْقِيَامِ، فَالْخُطْبَةُ أَوْلَى. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَشْرَعَ فِي الْخُطْبَةِ عِنْدَ فَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ مِنْ أَذَانِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 224
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست