responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 194
نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَهُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ لِتَخْصِيصِهِ الْوَاجِبَ وَالْمُبَاحَ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَهُ ذَلِكَ؛ احْتِجَاجًا بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ النُّصُوصِ، وَلِأَنَّهُ مُسَافِرٌ، فَأُبِيحَ لَهُ التَّرَخُّصَ كَالْمُطِيعِ.
وَلَنَا، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 173] أَبَاحَ الْأَكْلَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ عَادِيًا وَلَا بَاغِيًا، فَلَا يُبَاحُ لِبَاغٍ وَلَا عَادٍ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: غَيْرَ بَاغٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، مُفَارِقٍ لِجَمَاعَتِهِمْ، يُخِيفُ السَّبِيلَ، وَلَا عَادٍ عَلَيْهِمْ.
وَلِأَنَّ التَّرَخُّصَ شُرِعَ لِلْإِعَانَةِ عَلَى تَحْصِيلِ الْمَقْصِدِ الْمُبَاحِ، تَوَصُّلًا إلَى الْمَصْلَحَةِ، فَلَوْ شُرِعَ هَاهُنَا لَشُرِعَ إعَانَةٌ عَلَى الْمُحَرَّمِ، تَحْصِيلًا لِلْمَفْسَدَةِ، وَالشَّرْعُ مُنَزَّهٌ عَنْ هَذَا، وَالنُّصُوصُ وَرَدَتْ فِي حَقِّ الصَّحَابَةِ، وَكَانَتْ أَسْفَارُهُمْ مُبَاحَةً، فَلَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ فِي مَنْ سَفَرُهُ مُخَالِفٌ لِسَفَرِهِمْ، وَيَتَعَيَّنْ حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ النَّصَّيْنِ، وَقِيَاسُ الْمَعْصِيَةِ عَلَى الطَّاعَةِ بَعِيدٌ، لِتَضَادِّهِمَا.
(1240) فَصْلٌ: فَإِنْ عَدِمَ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ الْمَاءَ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَاجِبَةٌ لَا تَسْقُطُ، وَالطَّهَارَةُ لَهَا وَاجِبَةٌ أَيْضًا، فَيَكُونُ ذَلِكَ عَزِيمَةً، وَهَلْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا، لَا تَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ عَزِيمَةٌ، بِدَلِيلِ وُجُوبِهِ، وَالرُّخَصُ لَا تَجِبُ، وَالثَّانِي: عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ يَتَعَلَّقُ بِالسَّفَرِ، أَشْبَهَ بَقِيَّةَ الرُّخَصِ.
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا أُمِرَ بِهِ مِنْ التَّيَمُّمِ وَالصَّلَاةِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ إعَادَتُهَا، وَيُفَارِقُ بَقِيَّةَ الرُّخَصِ، فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْهَا، وَهَذَا يَجِبُ فِعْلُهُ، وَلِأَنَّ حُكْمَ بَقِيَّةِ الرُّخَصِ الْمَنْعُ مِنْ فِعْلِهَا، وَلَا يُمْكِنُ تَعْدِيَةُ هَذَا الْحُكْمِ إلَى التَّيَمُّمِ، وَلَا إلَى الصَّلَاةِ، لِوُجُوبِ فِعْلِهِمَا، وَوُجُوبُ الْإِعَادَةِ لَيْسَ بِحُكْمٍ فِي بَقِيَّةِ الرُّخَصِ، فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْهَا أَوْ تَعْدِيَتُهُ عَنْهَا. وَيُبَاحُ لَهُ الْمَسْحُ يَوْمًا وَلَيْلَةً؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ السَّفَرَ، فَأَشْبَهَ الِاسْتِجْمَارَ، وَالتَّيَمُّمَ وَغَيْرَهُمَا مِنْ رُخَصِ الْحَضَرِ.
وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ، فَلَمْ تُبَحْ لَهُ كَرُخْصِ السَّفَرِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَهَذَا يَنْتَقِضُ بِسَائِرِ رُخَصِ الْحَضَرِ.

[فَصْلٌ حُكْم الْقَصْر إذَا كَانَ السَّفَرُ مُبَاحًا فَغَيَّرَ نِيَّتَهُ إلَى الْمَعْصِيَة]
(1241) فَصْلٌ: إذَا كَانَ السَّفَرُ مُبَاحًا، فَغَيَّرَ نِيَّتَهُ إلَى الْمَعْصِيَةِ، انْقَطَعَ التَّرَخُّصُ لِزَوَالِ سَبَبِهِ. وَلَوْ سَافَرَ لِمَعْصِيَةٍ فَغَيَّرَ نِيَّتَهُ إلَى مُبَاحٍ، صَارَ سَفَرًا مُبَاحًا، وَأُبِيحَ لَهُ مَا يُبَاحُ فِي السَّفَرِ الْمُبَاحِ، وَتُعْتَبَرُ مَسَافَةُ السَّفَرِ مِنْ حِينِ غَيَّرَ النِّيَّةَ. وَلَوْ كَانَ سَفَرُهُ مُبَاحًا، فَنَوَى الْمَعْصِيَةَ بِسَفَرِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى نِيَّةِ الْمُبَاحِ، اُعْتُبِرَتْ مَسَافَةُ الْقَصْرِ مِنْ حِينَ رُجُوعِهِ إلَى نِيَّةِ الْمُبَاحِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ سَفَرِهِ انْقَطَعَ بِنِيَّةِ الْمَعْصِيَةِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ، ثُمَّ عَادَ فَنَوَى السَّفَرَ.
فَأَمَّا إنْ كَانَ السَّفَرُ مُبَاحًا، لَكِنَّهُ يَعْصِي فِيهِ، لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ التَّرَخُّصَ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ السَّفَرُ الْمُبَاحُ، وَقَدْ وُجِدَ، فَثَبَتَ حُكْمُهُ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ وُجُودُ مَعْصِيَةٍ، كَمَا أَنَّ مَعْصِيَتَهُ فِي الْحَضَرِ لَا تَمْنَعُ التَّرَخُّصَ فِيهِ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 194
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست