responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 186
تَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَكْرَهُهُ، وَلَا يُنْكِرهُ، وَقَدْ قَالَ فِي الْمَارِّ: " لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ ". وَكَانَ يُصَلِّي إلَى الْبَعِيرِ، وَلَوْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ لَمْ يَدَعْهُ، وَلِهَذَا مَنَعَ الْبَهِيمَةَ مِنْ الْمُرُورِ.
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ لِنَافِعِ: وَلِّنِي ظَهْرَكَ. لِيَسْتَتِرَ بِهِ مِمَّنْ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ. وَقَعَدَ عُمَرُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي يَسْتُرُهُ مِنْ الْمُرُورِ. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْوُقُوفَ لَيْسَ فِي حُكْمِ الْمُرُورِ، فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ. وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " يَقْطَعُ الصَّلَاةَ ". لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ إضْمَارِ الْمُرُورِ أَوْ غَيْرِهِ، فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ

[فَصْلٌ صَلَّى إلَى سُتْرَةٍ فَمَرَّ مِنْ وَرَائِهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ]
(1228) فَصْلٌ: وَمَنْ صَلَّى إلَى سُتْرَةٍ فَمَرَّ مِنْ وَرَائِهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، لَمْ تَنْقَطِعْ. وَإِنْ مَرَّ مِنْ وَرَائِهَا غَيْرُ مَا يَقْطَعُهَا، لَمْ يُكْرَهْ؛ لِمَا مَرَّ مِنْ الْأَحَادِيثِ. وَإِنْ مَرَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، قَطَعَهَا إنْ كَانَ مِمَّا يَقْطَعُهَا، كُرِهَ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يَقْطَعُهَا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ، فَمَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ قَرِيبًا مِنْهُ مَا يَقْطَعُهَا، قَطَعَهَا، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَقْطَعُهَا، كُرِهَ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا، لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حُكْمٌ.
وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ حَدَّ الْبَعِيدَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا الْقَرِيبَ، إلَّا أَنَّ عِكْرِمَةَ قَالَ: إذَا كَانَ بَيْنَك وَبَيْنَ الَّذِي يَقْطَعُ الصَّلَاةَ قَذْفَةٌ بِحَجَرٍ، لَمْ يَقْطَعْ الصَّلَاةَ. وَقَدْ رَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، فِي " مُسْنَدِهِ " وَأَبُو دَاوُد فِي " سُنَنِهِ "، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَحْسَبُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ صَلَاتَهُ الْكَلْبُ، وَالْحِمَارُ، وَالْخِنْزِيرُ، وَالْمَجُوسِيُّ، وَالْيَهُودِيُّ، وَالْمَرْأَةُ، وَيُجْزِئُ عَنْهُ إذَا مَرُّوا بَيْنَ يَدَيْهِ قَذْفَةٌ بِحَجَرِ» هَذَا لَفْظُ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد. وَفِي " مُسْنَدِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ ": " وَالنَّصْرَانِيُّ، وَالْمَرْأَةُ الْحَائِضُ ". وَهَذَا الْحَدِيثُ لَوْ ثَبَتَ، لَتَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِرَفْعِهِ، وَفِيهِ مَا هُوَ مَتْرُوكٌ بِالْإِجْمَاعِ،
وَهُوَ مَا عَدَا الثَّلَاثَةَ الْمَذْكُورَةَ، وَلَا يُمْكِنُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَوْضِعِ السُّجُودِ؛ فَإِنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " إذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، قَطَعَ صَلَاتَهُ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ ".
يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ السُّتْرَةِ تَنْقَطِعُ صَلَاتُهُ بِمُرُورِ الْكَلْبِ فِيهِ، وَالسُّتْرَةُ تَكُونُ أَبْعَدَ مِنْ مَوْضِعِ السُّجُودِ، وَالصَّحِيحُ تَحْدِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا مَشَى إلَيْهِ، وَدَفَعَ الْمَارَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِدَفْعِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَتَقَيَّدَ لِدَلَالَةِ الْإِجْمَاعِ بِمَا يَقْرُبُ مِنْهُ، بِحَيْثُ إذَا مَشَى إلَيْهِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَاللَّفْظُ فِي الْحَدِيثَيْنِ وَاحِدٌ، وَقَدْ تَعَذَّرَ حَمْلُهُمَا عَلَى إطْلَاقِهِمَا، وَقَدْ تَقَيَّدَ أَحَدُهُمَا بِدَلَالَةِ الْإِجْمَاعِ بِقَيْدٍ، فَتَقَيَّدَ الْآخَرُ بِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 186
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست