responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 173
، ثُمَّ مَشَى إلَى الصَّفِّ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَاةَ، قَالَ: «أَيُّكُمْ الَّذِي رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ، ثُمَّ مَشَى إلَى الصَّفِّ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ: أَنَا. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: زَادَك اللَّهُ حِرْصًا، وَلَا تَعُدْ» .
فَلَمْ يَأْمُرْهُ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ، وَنَهَاهُ عَنْ الْعَوْدِ، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ. فَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا نَهَاهُ عَنْ التَّهَاوُنِ وَالتَّخَلُّفِ عَنْ الصَّلَاةِ. قُلْنَا: إنَّمَا يَعُودُ النَّهْيُ إلَى الْمَذْكُورِ، وَالْمَذْكُورُ الرُّكُوعُ دُونَ الصَّفِّ، وَلَمْ يَنْسُبهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى التَّهَاوُنِ، وَإِنَّمَا نَسَبَهُ إلَى الْحِرْصِ، وَدَعَا لَهُ بِالزِّيَادَةِ فِيهِ، فَكَيْفَ يَنْهَاهُ عَنْ التَّهَاوُنِ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَى ضِدِّهِ؟
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهَا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ، عَالِمًا كَانَ أَوْ جَاهِلًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ فِي الصَّفِّ مَا يُدْرِكُ بِهِ الرَّكْعَةَ، أَشْبَهَ مَا لَوْ صَلَّى رَكْعَةً كَامِلَةً، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ، عَلَى أَنَّهُ دَخَلَ فِي الصَّفِّ قَبْلَ رَفْعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأْسَهُ، وَقَدْ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَا يَرْكَعْ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَأْخُذَ مَقَامَهُ مِنْ الصَّفِّ.
وَلَمْ يُفَرِّقْ الْقَاضِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ مِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ ثُمَّ دَخَلَ، وَبَيْنَ مِنْ دَخَلَ فِيهِ رَاكِعًا، وَكَذَلِكَ كَلَامُ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ، وَلَا تَفْرِيقَ فِيهِ، وَالدَّلِيلُ يَقْتَضِي التَّفْرِيقَ، فَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَيْهِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ نَحْوًا مِمَّا ذَكَرْنَا. (1204) فَصْلٌ: وَإِنْ فَعَلَ هَذَا لِغَيْرِ عُذْرٍ، وَلَا خَشِيَ الْفَوَاتَ، فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا، يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُجْزِ مُطْلَقًا لَمْ يُجْزِ حَالَ الْعُذْرِ، كَالرَّكْعَةِ كُلِّهَا.
وَالثَّانِي، لَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ لَا يَجُوزَ؛ لِكَوْنِهِ يَفُوتُهُ فِي الصَّفِّ مَا تَفُوتُهُ الرَّكْعَةُ بِفَوَاتِهِ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ فِي الْمَعْذُورِ لِحَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ، فَفِي غَيْرِهِ يَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ.

[فَصْل أَحَسَّ الْإِمَام بِدَاخِلِ وَهُوَ فِي الرُّكُوعِ يُرِيدُ الصَّلَاةَ مَعَهُ]
(1205) فَصْلٌ: إذَا أَحَسَّ بِدَاخِلٍ، وَهُوَ فِي الرُّكُوعِ، يُرِيدُ الصَّلَاةَ مَعَهُ، وَكَانَتْ الْجَمَاعَةُ كَثِيرَةً، كُرِهَ انْتِظَارُهُ؛ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مَنْ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ يَسِيرَةً، وَكَانَ انْتِظَارُهُ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ، كُرِهَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الَّذِينَ مَعَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنْ الدَّاخِلِ، فَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ لِنَفْعِهِ، وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ لِكَوْنِهِ يَسِيرًا، فَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: يَنْتَظِرُهُ مَا لَمْ يَشُقَّ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ.
وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي مِجْلَزٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَنْتَظِرُهُ؛ لِأَنَّ انْتِظَارَهُ تَشْرِيكٌ فِي الْعِبَادَةِ، فَلَا يُشْرَعُ، كَالرِّيَاءِ. وَلَنَا، أَنَّهُ انْتِظَارٌ يَنْفَعُ وَلَا يَشُقُّ، فَشُرِعَ، كَتَطْوِيلِ الرَّكْعَةِ وَتَخْفِيفِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُطِيلُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى حَتَّى لَا يَسْمَعَ وَقْعَ قَدَمٍ.
وَأَطَالَ السُّجُودَ حِينَ رَكِبَ الْحَسَنُ عَلَى ظَهْرِهِ، وَقَالَ: «إنَّ ابْنِي هَذَا ارْتَحَلَنِي فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ» . وَقَالَ: «إنِّي لَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ وَأَنَا

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 173
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست