responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 153
عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وَقَالَ فِي الْمِنْبَرِ إذَا قَطَعَ الصَّفَّ: لَا يَضُرُّ. وَلِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ الِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ، فَيَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ مِنْ غَيْرِ مُشَاهَدَةٍ، كَالْأَعْمَى، وَلِأَنَّ الْمُشَاهَدَةَ تُرَادُ لِلْعِلْمِ بِحَالِ الْإِمَامِ، وَالْعِلْمُ يَحْصُلُ بِسَمَاعِ التَّكْبِيرِ، فَجَرَى مَجْرَى الرُّؤْيَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي غَيْرِهِ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَنَّهُ يَصِحُّ إذَا كَانَا فِي الْمَسْجِدِ، وَلَا يَصِحُّ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ مَحَلُّ الْجَمَاعَةِ، وَفِي مَظِنَّةِ الْقُرْبِ، وَلَا يَصِحُّ فِي غَيْرِهِ لِعَدَمِ هَذَا الْمَعْنَى، وَلِخَبَرِ عَائِشَةَ.
وَلَنَا، أَنَّ الْمَعْنَى الْمُجَوِّزَ أَوْ الْمَانِعَ قَدْ اسْتَوَيَا فِيهِ، فَوَجَبَ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الْحُكْمِ، وَلَا بُدَّ لِمَنْ لَا يُشَاهِدُ أَنْ يَسْمَعَ التَّكْبِيرَ، لِيُمْكِنَهُ الِاقْتِدَاءُ، فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ، لَمْ يَصِحَّ ائْتِمَامُهُ بِهِ بِحَالٍ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ.
فَصْلٌ: وَكُلُّ مَوْضِعٍ اعْتَبَرْنَا الْمُشَاهَدَةَ، فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ مُشَاهَدَةُ مَنْ وَرَاءُ الْإِمَامِ، سَوَاءٌ شَاهَدَهُ مِنْ بَابٍ أَمَامَهُ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ شَاهَدَهُ طَرَفَ الصَّفِّ الَّذِي وَرَاءَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُمْكِنُهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ. وَإِنْ كَانَتْ الْمُشَاهَدَةُ تَحْصُلُ فِي بَعْضِ أَحْوَالِ الصَّلَاةِ، فَالظَّاهِرُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ، وَجِدَارُ الْحُجْرَةِ قَصِيرٌ، فَرَأَى النَّاسُ شَخْصَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَامَ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ، وَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ بِذَلِكَ، فَقَامَ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ، فَقَامَ مَعَهُ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَهُ فِي حَالِ قِيَامِهِ. (1158) فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ أَوْ نَهْرٌ تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ، أَوْ كَانَا فِي سَفِينَتَيْنِ مُفْتَرِقَتَيْنِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا، لَا يَصِحُّ أَنْ يَأْتَمَّ بِهِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَصْحَابِنَا، وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلصَّلَاةِ، فَأَشْبَهَ مَا يَمْنَعُ الِاتِّصَالَ.
وَالثَّانِي: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي، وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِي مَنْعِ ذَلِكَ، وَلَا إجْمَاعَ وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ، فَإِنَّ الْمُؤَثِّرَ فِي ذَلِكَ مَا يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ أَوْ سَمَاعَ الصَّوْتِ، وَلَيْسَ هَذَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَقَوْلُهُمْ: إنَّ بَيْنَهُمَا مَا لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلصَّلَاةِ، فَأَشْبَهَ مَا يَمْنَعُ. وَإِنْ سَلَّمْنَا ذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ فَلَا يَصِحُّ فِي النَّهْرِ، فَإِنَّهُ تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ فِي السَّفِينَةِ، وَإِذَا كَانَ جَامِدًا، ثُمَّ كَوْنُهُ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلصَّلَاةِ إنَّمَا يَمْنَعُ الصَّلَاةَ فِيهِ، أَمَّا الْمَنْعُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ فَتَحَكُّمٌ مَحْضٌ، لَا يَلْزَمُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ، وَلَا الْعَمَلُ بِهِ، وَلَوْ كَانَتْ صَلَاةَ جِنَازَةٍ أَوْ جُمُعَةٍ أَوْ عِيدٍ، لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا تَصِحُّ فِي الطَّرِيقِ، وَقَدْ صَلَّى أَنَسٌ فِي مَوْتِ حُمَيْدٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ، وَبَيْنَهُمَا طَرِيقٌ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 153
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست