responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 134
وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ: يَؤُمُّهُمْ أَفْقَهُهُمْ إذَا كَانَ يَقْرَأُ مَا يَكْفِي فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنُوبُهُ فِي الصَّلَاةِ مَا لَا يَدْرِي مَا يَفْعَلُ فِيهِ إلَّا بِالْفِقْهِ، فَيَكُونُ أَوْلَى، كَالْإِمَامَةِ الْكُبْرَى وَالْحُكْمِ.
وَلَنَا مَا رَوَى أَوْسُ بْنُ ضَمْرَةَ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا.» أَوْ قَالَ: " سِلْمًا ". وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا اجْتَمَعَ ثَلَاثَةٌ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ، وَأَحَقُّهُمْ بِالْإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ.» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ الْعُصْبَةَ، مَوْضِعٌ بِقُبَاءَ، كَانَ يَؤُمُّهُمْ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَكَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُد. وَكَانَ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ.
وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لِيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا» . وَلِأَنَّ الْقِرَاءَةَ رُكْنٌ فِي الصَّلَاةِ فَكَانَ الْقَادِرُ عَلَيْهَا أَوْلَى، كَالْقَادِرِ عَلَى الْقِيَامِ مَعَ الْعَاجِزِ عَنْهُ. فَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَقْدِيمِ الْقَارِئِ لِأَنَّ أَصْحَابَهُ كَانَ أَقْرَؤُهُمْ أَفْقَهَهُمْ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا إذَا تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ تَعَلَّمُوا مَعَهُ أَحْكَامَهُ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ كُنَّا لَا نُجَاوِزُ عَشْرَ آيَاتٍ حَتَّى نَعْرِفَ أَمْرَهَا، وَنَهْيَهَا، وَأَحْكَامَهَا.
قُلْنَا: اللَّفْظُ عَامُّ فَيَجِبُ الْأَخْذُ بِعُمُومِهِ دُونَ خُصُوصِ السَّبَبِ، وَلَا يُخَصُّ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى تَخْصِيصِهِ، عَلَى أَنَّ فِي الْحَدِيثِ مَا يُبْطِلُ هَذَا التَّأْوِيلَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «فَإِنْ اسْتَوَوْا فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ» . فَفَاضَلَ بَيْنَهُمْ فِي الْعِلْمِ بِالسُّنَّةِ مَعَ تَسَاوِيهِمْ فِي الْقِرَاءَةِ، وَلَوْ قَدَّمَ الْقَارِئَ لِزِيَادَةِ عِلْمٍ لَمَا نَقَلَهُمْ عِنْدَ التَّسَاوِي فِيهِ إلَى الْأَعْلَمِ بِالسُّنَّةِ، وَلَوْ كَانَ الْعِلْمُ بِالْفِقْهِ عَلَى قَدْرِ الْقِرَاءَةِ لَلَزِمَ مِنْ التَّسَاوِي فِي الْقِرَاءَةِ التَّسَاوِي فِيهِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَقْرَؤُكُمْ أُبَيٌّ، وَأَقْضَاكُمْ عَلِيٌّ، وَأَعْلَمُكُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَفْرَضُكُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ» . فَقَدْ فَضَّلَ بِالْفِقْهِ مَنْ هُوَ مَفْضُولٌ بِالْقِرَاءَةِ، وَفَضَّلَ بِالْقِرَاءَةِ مَنْ هُوَ مَفْضُولٌ بِالْقَضَاءِ وَالْفَرَائِضِ وَعِلْمِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ.
قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: حَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ " أَهُوَ خِلَافُ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ؟ قَالَ: لَا، إنَّمَا قَوْلُهُ لِأَبِي بَكْرٍ - عِنْدِي - " يُصَلِّي بِالنَّاسِ " لِلْخِلَافَةِ، يَعْنِي أَنَّ الْخَلِيفَةَ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَقْرَأَ مِنْهُ، فَأَمْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ بِالصَّلَاةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ اسْتِخْلَافَهُ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 134
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست