responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 10  صفحه : 70
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ لَمَّا بُويِعَ، أَخَذَ الذِّرَاعَ وَقَصْدَ السُّوقَ، فَقَالُوا: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَسَعُك أَنْ تَشْتَغِلَ عَنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: فَإِنِّي لَا أَدَعُ عِيَالِي يَضِيعُونَ. قَالُوا: فَنَحْنُ نَفْرِضُ لَك مَا يَكْفِيك. فَفَرَضُوا لَهُ كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمَيْنِ.
فَإِنْ بَاعَ وَاشْتَرَى، صَحَّ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ تَمَّ بِشُرُوطِهِ وَأَرْكَانِهِ. وَإِنْ احْتَاجَ إلَى مُبَاشَرَتِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَكْفِيهِ، جَازَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُكْرَهْ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَصْدَ السُّوقَ لِيَتَّجِرَ فِيهِ، حَتَّى فَرَضُوا لَهُ مَا يَكْفِيهِ، وَلِأَنَّ الْقِيَامَ بِعِيَالِهِ فَرْضُ عَيْنٍ، فَلَا يَتْرُكُهُ لِوَهْمِ مَضَرَّةٍ، وَأَمَّا إذَا اسْتَغْنَى عَنْ مُبَاشَرَتِهِ، وَوَجَدَ مَنْ يَكْفِيهِ ذَلِكَ كُرِهَ لَهُ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُوَكِّلَ فِي ذَلِكَ مَنْ لَا يُعْرَفُ أَنَّهُ وَكِيلُهُ؛ لِئَلَّا يُحَابَى.
وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، أَنَّهُ قَالَ: لَا يُكْرَهُ لَهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَتَوْكِيلُ مَنْ يُعْرَفُ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ قَضِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَنَا، مَا ذَكَرْنَاهُ. وَرُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ، أَنَّهُ قَالَ: شَرَطَ عَلَيَّ عُمَرُ حِينَ وَلَّانِي الْقَضَاءَ أَنْ لَا أَبِيعَ، وَلَا أَبْتَاعَ، وَلَا أَرْتَشِيَ، وَلَا أَقْضِيَ وَأَنَا غَضْبَانُ. وَقَضِيَّةُ أَبِي بَكْرٍ حُجَّةٌ لَنَا؛ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ أَنْكَرُوا عَلَيْهِ، فَاعْتَذَرَ بِحِفْظِ عِيَالِهِ عَنْ الضَّيَاعِ، فَلَمَّا أَغْنَوْهُ عَنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِمَا فَرَضُوا لَهُمْ، قَبِلَ قَوْلَهُمْ، وَتَرَكَ التِّجَارَةَ، فَحَصَلَ الِاتِّفَاقُ مِنْهُمْ عَلَى تَرْكِهَا عِنْدَ الْغِنَى عَنْهَا.

[فَصْلٌ لِلْحَاكِمِ حُضُورُ الْوَلَائِمِ]
(8270) فَصْلٌ: وَيَجُوزُ لِلْحَاكِمِ حُضُورُ الْوَلَائِمِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَحْضُرُهَا، وَيَأْمُرُ بِحُضُورِهَا، وَقَالَ: «مَنْ لَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» فَإِنْ كَثُرَتْ وَازْدَحَمَتْ، تَرَكَهَا كُلَّهَا، وَلَمْ يُجِبْ أَحَدًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَشْغَلُهُ عَنْ الْحُكْمِ الَّذِي قَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، لَكِنَّهُ يَعْتَذِرُ إلَيْهِمْ، وَيَسْأَلُهُمْ التَّحْلِيلَ، وَلَا يُجِيبُ بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ كَسْرًا لِقَلْبِ مَنْ لَمْ يُجِبْهُ، إلَّا أَنْ يَخْتَصَّ بَعْضُهَا بِعُذْرٍ يَمْنَعُهُ دُونَ بَعْضٍ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ فِي إحْدَاهُمَا مُنْكَرٌ، أَوْ تَكُونَ فِي مَكَان بَعِيدٍ، أَوْ يَشْتَغِلَ بِهَا زَمَنًا طَوِيلًا، وَالْأُخْرَى بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَهُ الْإِجَابَةُ إلَيْهَا دُونَ الْأُولَى؛ لِأَنَّ عُذْرَهُ ظَاهِرٌ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ الْأُولَى.

[فَصْلٌ عِيَادَةُ الْمَرْضَى وَشُهُودُ الْجَنَائِزِ وَإِتْيَانُ مُقَدَّم الْغَائِبِ لِلْحَاكِمِ]
(8271) فَصْلٌ: وَلَهُ عِيَادَةُ الْمَرْضَى، وَشُهُودُ الْجَنَائِزِ، وَإِتْيَانُ مَقْدَمِ الْغَائِبِ، وَزِيَارَةُ إخْوَانِهِ وَالصَّالِحِينَ مِنْ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ وَطَاعَةٌ، وَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ، فَلَيْسَ لَهُ الِاشْتِغَالُ بِهِ عَنْ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ هَذَا تَبَرُّعٌ، فَلَا يَشْتَغِلُ بِهِ عَنْ الْفَرْضِ،

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 10  صفحه : 70
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست