responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 10  صفحه : 69
قَالَ الْقَاضِي: وَيُسْتَحَبُّ لَهُ التَّنَزُّهُ عَنْهَا. وَإِنْ أَحَسَّ أَنَّهُ يُقَدِّمُهَا بَيْنَ يَدَيْ خُصُومِهِ، أَوْ فَعَلَهَا حَالَ الْحُكُومَةِ، حَرُمَ أَخْذُهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ؛ لِأَنَّهَا كَالرِّشْوَةِ. وَهَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ، أَنَّ قَبُولَ الْهَدِيَّةِ مَكْرُوهٌ غَيْرُ مُحَرَّمٍ. وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ دَلَالَةٌ عَلَى التَّحْرِيمِ.

[فَصْلٌ الرِّشْوَةُ فِي الْحُكْمِ وَرِشْوَةُ الْعَامِلِ]
(8268) فَصْلٌ: فَأَمَّا الرِّشْوَةُ فِي الْحُكْمِ، وَرِشْوَةُ الْعَامِلِ، فَحَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة: 42] قَالَ الْحَسَنُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، فِي تَفْسِيرِهِ: هُوَ الرِّشْوَةُ. وَقَالَ: إذَا قَبِلَ الْقَاضِي الرِّشْوَةَ، بَلَغَتْ بِهِ إلَى الْكُفْرِ وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ.» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَرَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَزَادَ: " فِي الْحُكْمِ ". وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ، فِي " زَادِ الْمُسَافِرِ "، وَزَادَ: " وَالرَّائِشَ " وَهُوَ السَّفِيرُ بَيْنَهُمَا.
وَلِأَنَّ الْمُرْتَشِيَ إنَّمَا يَرْتَشِي لِيَحْكُمَ بِغَيْرِ الْحَقِّ، أَوْ لِيُوقِفَ الْحُكْمَ عَنْهُ، وَذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الظُّلْمِ. قَالَ مَسْرُوقٌ: سَأَلْت ابْنَ مَسْعُودٍ عَنْ السُّحْتِ، أَهْوَ الرِّشْوَةُ فِي الْحُكْمِ؟ قَالَ: لَا، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] وَ {الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45] وَ {الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 47] وَلَكِنَّ السُّحْتَ أَنْ يَسْتَعِينَك الرَّجُلُ عَلَى مَظْلَمَةٌ، فَيُهْدِيَ لَك، فَلَا تَقْبَلْ. وَقَالَ قَتَادَةُ: قَالَ كَعْبٌ: الرِّشْوَةُ تُسَفِّهُ الْحَلِيمَ، وَتُعْمِي عَيْنَ الْحَكِيمِ. فَأَمَّا الرَّاشِي فَإِنْ رَشَاهُ لِيَحْكُمَ لَهُ بِبَاطِلٍ، أَوْ يَدْفَعَ عَنْهُ حَقًّا، فَهُوَ مَلْعُونٌ، وَإِنْ رَشَاهُ لِيَدْفَعَ ظُلْمَهُ، وَيَجْزِيَهُ عَلَى وَاجِبِهِ، فَقَدْ قَالَ عَطَاءٌ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَالْحَسَنُ: لَا بَأْسَ أَنْ يُصَانِعَ عَنْ نَفْسِهِ. قَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: مَا رَأَيْنَا فِي زَمَنِ زِيَادٍ أَنْفَعَ لَنَا مِنْ الرِّشَا.
وَلِأَنَّهُ يَسْتَنْقِذُ مَالَهُ كَمَا يَسْتَنْقِذُ الرَّجُلُ أَسِيرَهُ. فَإِنْ ارْتَشَى الْحَاكِمُ، أَوْ قَبِلَ هَدِيَّةً لَيْسَ لَهُ قَبُولُهَا، فَعَلَيْهِ رَدُّهَا إلَى أَرْبَابِهَا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، فَأَشْبَهَ الْمَأْخُوذَ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجْعَلَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْ ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ بِرَدِّهَا عَلَى أَرْبَابِهَا. وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: إذَا أَهْدَى الْبِطْرِيقُ لِصَاحِبِ الْجَيْشِ عَيْنًا أَوْ فِضَّةً، لَمْ تَكُنْ لَهُ دُونَ سَائِرِ الْجَيْشِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَكُونُونَ فِيهِ سَوَاءً.

[فَصْلٌ تَوَلَّى الْقَاضِي الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ بِنَفْسِهِ]
(8269) فَصْلٌ: وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَتَوَلَّى الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ بِنَفْسِهِ؛ لِمَا رَوَى أَبُو الْأَسْوَدِ الْمَالِكِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا عَدَلَ وَالٍ اتَّجَرَ فِي رَعِيَّتِهِ أَبَدًا» وَلِأَنَّهُ يُعْرَفُ فَيُحَابَى، فَيَكُونُ كَالْهَدِيَّةِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَشْغَلُهُ عَنْ النَّظَرِ فِي أُمُورِ النَّاسِ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 10  صفحه : 69
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست