responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 10  صفحه : 59
وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، أَنَّ شَهَادَةَ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ شَهَادَةُ اسْتِفَاضَةٍ، لَا شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ، فَيَكْتَفِي بِمَنْ يَشْهَدُ بِهَا، كَسَائِرِ شَهَادَاتِ الِاسْتِفَاضَةِ؛ وَلِأَنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ فَلَا يَلْزَمُ الْمُزَكِّيَ الْحُضُورُ لِلتَّزْكِيَةِ، وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ إجْبَارُهُ عَلَيْهَا، فَصَارَ كَالْمَرَضِ وَالْغَيْبَةِ فِي سَائِرِ الشَّهَادَاتِ، وَلِأَنَّنَا لَوْ لَمْ نَكْتَفِ بِشَهَادَةِ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ، لَتَعَذَّرَتْ التَّزْكِيَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَّفِقُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي جِيرَانِ الشَّاهِدِ مَنْ يَعْرِفُهُ الْحَاكِمُ، فَلَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ، فَيَفُوتُ التَّعْدِيلُ وَالْجَرْحُ.

[فَصْلٌ مِنْ شُرُوط الشَّاهِد إسْلَامه]
(8248) فَصْلٌ: قَالَ الْقَاضِي: وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ إسْلَامِ الشَّاهِدِ، وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِأَحَدِ أَرْبَعَةِ أُمُورٍ؛ أَحَدُهَا، إخْبَارُهُ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ مُسْلِمٌ، أَوْ إتْيَانُهُ بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا صَارَ مُسْلِمًا بِذَلِكَ. الثَّانِي، اعْتِرَافُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِإِسْلَامِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ عَلَيْهِ.
الثَّالِثُ، خِبْرَةُ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّنَا اكْتَفَيْنَا بِذَلِكَ فِي عَدَالَتِهِ، فَكَذَلِكَ فِي إسْلَامِهِ. الرَّابِعُ، بَيِّنَةٌ تَقُومُ بِهِ. وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْحُرِّيَّةِ فِي مَوْضِعٍ تُعْتَبَرُ فِيهِ، وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ أَحَدُ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ؛ بَيِّنَةٌ، أَوْ اعْتِرَافُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، أَوْ خِبْرَةُ الْحَاكِمِ. وَلَا يَكْفِي اعْتِرَافُ الشَّاهِدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَصِيرَ حُرًّا، فَلَا يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ بِهِ، بِخِلَافِ الْإِسْلَامِ.

[فَصْلٌ شَهِدَ عِنْدَ الْحَاكِمِ مَجْهُولُ الْحَالِ]
(8249) فَصْلٌ: وَإِذَا شَهِدَ عِنْدَ الْحَاكِمِ مَجْهُولُ الْحَالِ، فَقَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: هُوَ عَدْلٌ. فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يَلْزَمُ الْحَاكِمَ الْحُكْمُ بِشَهَادَتِهِ؛ لِأَنَّ الْبَحْثَ عَنْ عَدَالَتِهِ لِحَقِّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَقَدْ اعْتَرَفَ بِهَا، وَلِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِعَدَالَتِهِ، فَقَدْ أَقَرَّ بِمَا يُوجِبُ الْحُكْمَ لِخَصْمِهِ عَلَيْهِ، فَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ، كَسَائِرِ أَقَارِيرِهِ.
وَالثَّانِي، لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِشَهَادَتِهِ؛ لِأَنَّ فِي الْحُكْمِ بِهَا تَعْدِيلًا لَهُ، فَلَا يَثْبُتُ بِقَوْلِ وَاحِدٍ، وَلِأَنَّ اعْتِبَارَ الْعَدَالَةِ فِي الشَّاهِدِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَلِهَذَا لَوْ رَضِيَ الْخَصْمُ بِأَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِقَوْلِ فَاسِقٍ، لَمْ يَجُزْ الْحُكْمُ بِهِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَخْلُو؛ إمَّا أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ مَعَ تَعْدِيلِهِ، أَوْ مَعَ انْتِفَائِهِ، لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ مَعَ تَعْدِيلِهِ؛ لِأَنَّ التَّعْدِيلَ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ، وَلَا يَجُوزُ مَعَ انْتِفَاءِ تَعْدِيلِهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِشَهَادَةِ غَيْرِ الْعَدْلِ غَيْرُ جَائِزٍ، بِدَلِيلِ شَهَادَةِ مَنْ ظَهَرَ فِسْقُهُ.
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ مِثْلُ هَذَا، فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ، فَلَا يَثْبُتُ تَعْدِيلُهُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ بَيِّنَةُ التَّعْدِيلِ، وَإِنَّمَا حُكِمَ عَلَيْهِ لِإِقْرَارِهِ بِوُجُودِ شُرُوطِ الْحُكْمِ، وَإِقْرَارُهُ يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ دُونَ غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِحَقٍّ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ، ثَبَتَ فِي حَقِّهِ دُونَ غَيْرِهِ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 10  صفحه : 59
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست