responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 10  صفحه : 371
فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ: (8699) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا الْكَلَامِ، أَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَصِحُّ حَالَّةً، وَلَا تَجُوزُ إلَّا مُؤَجَّلَةً مُنَجَّمَةً. وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: تَجُوزُ حَالَّةً؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى عَيْنٍ، فَإِذَا كَانَ عِوَضُهُ فِي الذِّمَّةِ، جَازَ أَنْ يَكُونَ حَالًّا، كَالْبَيْعِ.
وَلَنَا، أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، أَنَّهُمْ عَقَدُوا الْكِتَابَةَ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ عَقَدَهَا حَالَّةً، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ، لَمْ يَتَّفِقْ جَمِيعُهُمْ عَلَى تَرْكِهِ، وَلِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، يَعْجِزُ عَنْ أَدَاءِ عِوَضِهَا فِي الْحَالِ، فَكَانَ مِنْ شَرْطِهِ التَّأْجِيلُ، كَالسَّلَمِ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ مِنْ شَرْطِهِ ذِكْرَ الْعِوَضِ، فَإِذَا وَقَعَ عَلَى وَجْهٍ يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْعَجْزُ عَنْ الْعِوَضِ، لَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ لَا يُوجَدُ عِنْدَ مَحَلِّهِ، وَيُفَارِقُ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْعَجْزُ عَنْ الْعِوَضِ، لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَمْلِكُ الْمَبِيعَ، وَالْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا، وَمَا فِي يَدِهِ لِسَيِّدِهِ. وَفِي التَّنْجِيمِ حِكْمَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، يَرْجِعُ إلَى الْمُكَاتَبِ، وَهِيَ التَّخْفِيفُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ مُفَرَّقًا أَسْهَلُ، وَلِهَذَا تُقَسَّطُ الدُّيُونُ عَلَى الْمُعْسِرِينَ عَادَةً، تَخْفِيفًا عَلَيْهِمْ. وَالْأُخْرَى، لِلسَّيِّدِ، وَهِيَ أَنَّ مُدَّةَ الْكِتَابَةِ تَطُولُ غَالِبًا، فَلَوْ كَانَتْ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ، لَمْ يَظْهَرْ عَجْزُهُ إلَّا فِي آخِرِ الْمُدَّةِ، فَإِذَا عَجَزَ، عَادَ إلَى الرِّقِّ، وَفَاتَتْ مَنَافِعُهُ فِي مُدَّةِ الْكِتَابَةِ كُلِّهَا عَلَى السَّيِّدِ، مِنْ غَيْرِ نَفْعٍ حَصَلَ لَهُ، وَإِذَا كَانَتْ مُنَجَّمَةً نُجُومًا، فَعَجَزَ عَنْ النَّجْمِ الْأَوَّلِ، فَمُدَّتُهُ يَسِيرَةٌ، وَإِنْ عَجَزَ عَمَّا بَعْدَهُ، فَقَدْ حَصَلَ لِلسَّيِّدِ نَفْعٌ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ النُّجُومِ قَبْلَ عَجْزِهِ.
إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَأَقَلُّهُ نَجْمَانِ فَصَاعِدًا. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَنُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ قَالَ: مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: نَجْمٌ وَاحِدٌ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: نَجْمَانِ. وَنَجْمَانِ أَحَبُّ إلَيَّ. وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ، أَنِّي أَذْهَبُ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا نَجْمَانِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَحَبُّ نَجْمَيْنِ، وَيَجُوزُ نَجْمٌ وَاحِدٌ. قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: هَذَا عَلَى طَرِيقِ الِاخْتِيَارِ، وَإِنْ جُعِلَ الْمَالُ كُلُّهُ فِي نَجْمٍ وَاحِدٍ، جَازَ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّأْجِيلُ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ إلَى أَجَلٍ وَاحِدٍ، كَالْمُسْلِمِ، وَلِأَنَّ اعْتِبَارَ التَّأْجِيلِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ تَسْلِيمِ الْعِوَضِ، وَهَذَا يَحْصُلُ بِنَجْمٍ وَاحِدٍ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 10  صفحه : 371
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست