responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 10  صفحه : 209
وَقَدْ أَشَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى رَجُلٍ أَنْ يَحْلِفَ وَيَأْخُذَ حَقَّهُ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا: الْأَفْضَلُ افْتِدَاءُ يَمِينِهِ؛ فَإِنَّ عُثْمَانَ افْتَدَى يَمِينَهُ، وَقَالَ: خِفْت أَنْ تُصَادِفَ قَدْرًا، فَيُقَالَ حَلَفَ فَعُوقِبَ، أَوْ هَذَا شُؤْمُ يَمِينِهِ. وَرَوَى الْخَلَّالُ، بِإِسْنَادِهِ، أَنَّ حُذَيْفَةَ عَرَفَ جَمَلًا سُرِقَ لَهُ، فَخَاصَمَ فِيهِ إلَى قَاضِي الْمُسْلِمِينَ، فَصَارَتْ الْيَمِينُ عَلَى حُذَيْفَةَ فَقَالَ: لَك عَشْرَةُ دَرَاهِمَ. فَأَبَى، فَقَالَ لَك عِشْرُونَ، فَأَبَى، فَقَالَ: لَك ثَلَاثُونَ.، فَأَبَى، فَقَالَ: لَك أَرْبَعُونَ. فَأَبَى، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَتُرَانِي أَتْرُكُ جَمَلِي؟ فَحَلَفَ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَهُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ.
وَلِأَنَّ فِي الْيَمِينِ عِنْدَ الْحَاكِمِ تَبَذُّلًا، وَلَا يَأْمَنُ أَنْ يُصَادِفَ قَدَرًا، فَيُنْسَبَ إلَى الْكَذِبِ، وَأَنَّهُ عُوقِبَ بِحَلِفِهِ كَاذِبًا، وَفِي ذَهَابِ مَالِهِ لَهُ أَجْرٌ، وَلَيْسَ هَذَا تَضْيِيعًا لِلْمَالِ، فَإِنَّ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ يَنْتَفِعُ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَيَغْرَمُهُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ. وَأَمَّا عُمَرُ، فَإِنَّهُ خَافَ الِاسْتِنَانَ بِهِ، وَتَرْكَ النَّاسِ الْحَلِفَ عَلَى حُقُوقِهِمْ، فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْلَا ذَلِكَ، لَمَا حَلَفَ، وَهَذَا أَوْلَى، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[فَصْل الْحَلِفُ الْكَاذِبُ لِيَقْتَطِعَ بِهِ مَالَ أَخِيهِ]
(8437) فَصْلٌ: فَأَمَّا الْحَلِفُ الْكَاذِبُ لِيَقْتَطِعَ بِهِ مَالِ أَخِيهِ، فَفِيهِ إثْمٌ كَبِيرٌ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ مِنْ الْكَبَائِرِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَعَدَ عَلَيْهِ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77] . قَالَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، كَانَ لِي بِئْرٌ فِي أَرْضِ ابْنِ عَمٍّ لِي، فَأَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " بَيِّنَتُك، أَوْ يَمِينُهُ ". قُلْت: إذًا يَحْلِفُ عَلَيْهَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَرَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ، يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ الْكِنْدِيِّ «لَئِنْ حَلَفَ عَلَى مَالِهِ لِيَأْكُلَهُ ظُلْمًا، لَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ» . وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ: أَنَّ يَمِينَ الْغَمُوسِ تَذَرُ الدِّيَارَ بَلَاقِعَ. وَيُسْتَحَبُّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُخَوِّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ، وَيَقْرَأَ عَلَيْهِ الْآيَةَ وَالْأَخْبَارَ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 10  صفحه : 209
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست