responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 10  صفحه : 190
عَلَى فُلَانٍ كَذَا، أَوْ أَقَرَّ عِنْدِي بِكَذَا. أَوْ سَمِعَ شَاهِدًا يَسْتَرْعِي آخَرَ شَهَادَةً يُشْهِدُهُ عَلَيْهَا، فَيَجُوزُ لِهَذَا السَّامِعِ أَنْ يَشْهَدَ بِهَا لِحُصُولِ الِاسْتِرْعَاءِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجُوزَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ إلَّا أَنْ يَسْتَرْعِيَهُ بِعَيْنِهِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ.
قَالَ أَحْمَدُ: لَا تَكُونُ شَهَادَةً إلَّا أَنْ يُشْهِدَك، فَأَمَّا إذَا سَمِعْته يَتَحَدَّثُ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ حَدِيثٌ. وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَأَبُو عُبَيْدٍ. فَأَمَّا إنْ سَمِعَ شَاهِدًا يَشْهَدُ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِحَقٍّ، أَوْ سَمِعَهُ يَشْهَدُ بِحَقٍّ يَعْزِيه إلَى سَبَبٍ، نَحْوُ أَنْ يَقُولَ: أَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ أَلْفًا مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ. فَهَلْ يَشْهَدُ بِهِ؟ . قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي، أَنَّ لَهُ الشَّهَادَةَ بِهِ.
وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ بِالشَّهَادَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَنِسْبَتِهِ لِلْحَقِّ إلَى سَبَبه، يَزُولُ الِاحْتِمَالُ، وَيَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ، فَتَجُوزُ لَهُ الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَتِهِ، كَمَا لَوْ اسْتَرْعَاهُ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى، لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي عُبَيْدٍ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ فِيهَا مَعْنَى النِّيَابَةِ، فَلَا يَنُوبُ عَنْهُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَمَنْ نَصْرَ الْأَوَّلَ قَالَ: هَذَا يَنْقُلُ شَهَادَتَهُ، وَلَا يَنُوبُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْهَدُ مِثْلَ شَهَادَتِهِ، وَإِنَّمَا يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ فَأَمَّا إنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنِّي أَشْهَدُ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا. فَالْأَشْبَهُ أَنْ يَجُوزَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ: اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَقُولَ: اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَنِّي أَشْهَدُ.
لِأَنَّهُ إذَا قَالَ: اشْهَدْ. فَقَدْ أَمَرَهُ بِالشَّهَادَةِ، وَلَمْ يَسْتَرْعِهِ. وَمَا عَدَا هَذِهِ الْمَوَاضِعَ، لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ فِيهَا عَلَى الشَّهَادَةِ، فَإِذَا سَمِعَهُ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَرْعِهِ الشَّهَادَةَ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَعَدَهُ بِهَا. وَقَدْ يُوصَفُ الْوَعْدُ بِالْوُجُوبِ مَجَازًا؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْعِدَّةُ دَيْنٌ» . وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِالشَّهَادَةِ الْعِلْمَ، فَلَمْ يَجُزْ لِسَامِعِهِ الشَّهَادَةُ بِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَلَوْ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ. جَازَ أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ، فَكَذَا هَذَا. قُلْنَا: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنَّ الشَّهَادَةَ تَحْتَمِلُ الْعِلْمَ، وَلَا تَحْتَمِلُ الْإِقْرَارَ. الثَّانِي، أَنَّ الْإِقْرَارَ أَوْسَعُ فِي لُزُومِهِ مِنْ الشَّهَادَةِ؛ بِدَلِيلِ صِحَّتِهِ فِي الْمَجْهُولِ، وَأَنَّهُ لَا يُرَاعَى فِيهِ الْعَدَدُ، بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ، وَلِأَنَّ الْإِقْرَارَ قَوْلُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ، فَيَكُونُ أَقْوَيْ مِنْهَا، وَلِهَذَا لَا تُسْمَعُ الشَّهَادَةُ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ، وَلَا يُحْكَمُ بِهَا.
وَلَوْ قَالَ شَاهِدُ الْأَصْلِ: أَنَا أَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ أَلْفًا، فَاشْهَدْ بِهِ أَنْتَ عَلَيْهِ. لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ؛ لِأَنَّهُمَا شَهَادَتَهُ، فَيَشْهَدُ عَلَيْهَا، وَلَا هُوَ شَاهِدًا بِالْحَقِّ؛ لِأَنَّهُ مَا سَمِعَ الِاعْتِرَافَ بِهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَلَا شَاهَدَ سَبَبَهُ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 10  صفحه : 190
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست