responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 10  صفحه : 19
[فَصْلٌ وَمَنْ نَذَرَ هَدْيًا لَزِمَهُ إيصَالُهُ إلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ]
(8192) فَصْلٌ: وَمَنْ نَذَرَ هَدْيًا، لَزِمَهُ إيصَالُهُ إلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الْهَدْيِ يَقْتَضِي ذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] . فَإِنْ عَيَّنَ شَيْئًا بِنَذْرِهِ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: أُهْدِي شَاةً، أَوْ ثَوْبًا، أَوْ بُرًّا، أَوْ ذَهَبًا. وَكَانَ مِمَّا يُنْقَلُ، حُمِلَ إلَى الْحَرَمِ، فَفُرِّقَ فِي مَسَاكِينِهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُنْقَلُ، نَحْوَ أَنْ يَقُولَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ دَارِي هَذِهِ، أَوْ أَرْضِي، أَوْ شَجَرَتِي هَذِهِ. بِيعَتْ، وَبُعِثَ بِثَمَنِهَا إلَى الْحَرَمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إهْدَاؤُهُ بِعَيْنِهِ، فَانْصَرَفَ بِذَلِكَ إلَى بَدَلِهِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ، فِي امْرَأَةٍ نَذَرَتْ أَنْ تُهْدِيَ دَارًا، فَقَالَ: تَبِيعُهَا، وَتَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَنْذُورُ مِمَّا يُنْقَلُ، لَكِنْ يَشُقُّ نَقْله، كَخَشَبَةٍ ثَقِيلَةٍ، فَإِنَّهُ يَبِيعُهَا؛ لِأَنَّهُ أَحَظُّ لِلْمَسَاكِينِ مِنْ نَقْلِهَا. وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا كُلْفَةَ فِي نَقْلِهِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهُ بِنَفْسِهِ، وَيَحْتَاجُ إلَى الْبَيْعِ، نُظِرَ إلَى الْحَظِّ لِلْمَسَاكِينِ فِي بَيْعِهِ فِي بَلَدِهِ، أَوْ نَقْلِهِ لِيُبَاعَ ثَمَّ. وَإِنْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ، بِيعَ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ.

[فَصْلٌ نَذْر أَنْ يُهْدِي إلَى غَيْر مَكَّة كَالْمَدِينَةِ أَوْ الثُّغُور أَوْ يَذْبَح بِهَا]
(8193) فَصْلٌ: وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ إلَى غَيْرِ مَكَّةَ، كَالْمَدِينَةِ، أَوْ الثُّغُورِ، أَوْ يَذْبَحَ بِهَا، لَزِمَهُ الذَّبْحُ، وَإِيصَالُ مَا أَهْدَاهُ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَتَفْرِقَةُ الْهَدْيِ وَلَحْمِ الذَّبِيحَةِ عَلَى أَهْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِذَلِكَ الْمَكَانِ مَا لَا يَجُوزُ النَّذْرُ لَهُ، كَكَنِيسَةٍ، أَوْ صَنَمٍ، أَوْ نَحْوِهِ، مِمَّا يُعَظِّمُهُ الْكُفَّارُ أَوْ غَيْرُهُمْ، مِمَّا لَا يَجُوزُ تَعْظِيمُهُ، كَشَجَرَةٍ، أَوْ قَبْرٍ، أَوْ حَجَرٍ، أَوْ عَيْنِ مَاءٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد، قَالَ: «نَذَرَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَنْحَرَ إبِلًا بِبُوَانَةَ، فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَلْ كَانَ بِهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟ . قَالُوا: لَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَوْفِ بِنَذْرِك» .
وَلِأَنَّهُ ضَمَّنَ نَذْرَهُ نَفْعَ فُقَرَاءِ ذَلِكَ الْبَلَدِ، بِإِيصَالِ اللَّحْمِ إلَيْهِمْ، وَهَذِهِ قُرْبَةٌ. فَتَلْزَمُهُ، كَمَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ عَلَيْهِمْ. فَإِنْ كَانَ بِهَا شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَا، لَمْ يَجُزْ النَّذْرُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «هَلْ كَانَ بِهَا وَثَنٌ، أَوْ عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِ الْجَاهِلِيَّةِ؟» .
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهَا ذَلِكَ، لَمَنَعَهُ مِنْ الْوَفَاءِ بِنَذْرِهِ وَلِأَنَّ فِي هَذَا تَعْظِيمًا لِغَيْرِ مَا عَظَّمَ اللَّهُ، يُشْبِهُ تَعْظِيمَ الْكُفَّارِ لِلْأَصْنَامِ، فَحَرُمَ، كَتَعْظِيمِ الْأَصْنَامِ، وَلِذَلِكَ لَعَنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُتَّخِذَاتِ عَلَى الْقُبُورِ الْمَسَاجِدَ وَالسَّرْجِ، وَقَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» . يُحَذِّرُ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 10  صفحه : 19
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست