responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 10  صفحه : 169
قُلْنَا: لَا حَقَّ لَهُ فِي مَالِهِ حِينَ الشَّهَادَةِ، وَإِنَّمَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَتَجَدَّدَ لَهُ حَقٌّ، وَهَذَا لَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ، كَمَا لَوْ شَهِدَ لَامْرَأَةٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، أَوْ لِغَرِيمِ لَهُ بِمَالٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يُوَفِّيَهُ مِنْهُ، أَوْ يُفْلِسَ، فَيَتَعَلَّقَ حَقُّهُ بِهِ، وَإِنَّمَا الْمَانِعُ مَا يَحْصُلُ لِلشَّاهِدِ بِهِ نَفْعٌ حَالَ الشَّهَادَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ مَنَعْتُمْ قَبُولَ شَهَادَتِهِ لِمَوْرُوثِهِ بِالْجَرْحِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ؛ لِجَوَازِ أَنْ يَتَجَدَّدَ لَهُ حَقٌّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَقٌّ فِي الْحَالِ، فَإِنْ قُلْتُمْ: قَدْ انْعَقَدَ سَبَبُ حَقِّهِ. قُلْنَا: يَبْطُلُ بِالشَّاهِدِ لِمَوْرُوثِهِ الْمَرِيضِ بِحَقٍّ، فَإِنَّ شَهَادَتَهُ تُقْبَلُ مَعَ انْعِقَادِ سَبَبِ اسْتِحْقَاقِهِ؛ بِدَلِيلِ أَنَّ عَطِيَّتَهُ لَهُ لَا تَنْفُذُ، وَعَطِيَّتَهُ لِغَيْرِهِ تَقِفُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ الثُّلُثِ. قُلْنَا: إنَّمَا مَنَعْنَا الشَّهَادَةَ لِمَوْرُوثِهِ بِالْجَرْحِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَفْضَى إلَى الْمَوْتِ، فَتَجِبُ الدِّيَةُ لِلْوَارِثِ الشَّاهِدِ بِهِ ابْتِدَاءً، فَيَكُونُ شَاهِدًا لِنَفْسِهِ، مُوجِبًا لَهُ بِهَا حَقًّا ابْتِدَاءً، بِخِلَافِ الشَّاهِدِ لِلْمَرِيضِ أَوْ الْمَجْرُوحِ بِمَالٍ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ لِلْمَشْهُودِ لَهُ، ثُمَّ يَجُوزُ أَنْ يَنْتَقِلَ، وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَنْتَقِلَ، فَلَمْ يَمْنَعْ الشَّهَادَةَ لَهُ، كَالشَّهَادَةِ لِغَرِيمِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ أَجَزْتُمْ شَهَادَةَ الْغَرِيمِ لِغَرِيمِهِ بِالْجَرْحِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، كَمَا أَجَزْتُمْ شَهَادَتَهُ لَهُ بِمَالِهِ؟ . قُلْنَا: إنَّمَا أَجَزْنَاهَا لِأَنَّ الدِّيَةَ لَا تَجِبُ لِلشَّاهِدِ ابْتِدَاءً، إنَّمَا تَجِبُ لِلْقَتِيلِ، أَوْ لِوَرَثَتِهِ، ثُمَّ يَسْتَوْفِي الْغَرِيمُ مِنْهَا، فَأَشْبَهَتْ الشَّهَادَةَ لَهُ بِالْمَالِ. وَأَمَّا الدَّافِعُ عَنْ نَفْسِهِ، فَمِثْلُ أَنْ يَشْهَدَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِجَرْحِ الشُّهُودِ، أَوْ تَشْهَدَ عَاقِلَةُ الْقَاتِلِ خَطَأً بِجَرْحِ الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا بِهِ، لِمَا فِيهِ مِنْ دَفْعِ الدِّيَةِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ. فَإِنْ كَانَ الشَّاهِدَانِ بِالْجَرْحِ فَقِيرَيْنِ، اُحْتُمِلَ قَبُولُ شَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَحْمِلَانِ شَيْئًا مِنْ الدِّيَةِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا تُقْبَلَ؛ لِأَنَّهُ يُخَافُ أَنْ يُوسِرَا قَبْلَ الْحَوْلِ فَيَحْمِلَا.
وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ فِي الْبَعِيدِ الَّذِي لَا يَحْمِلُ لِبُعْدِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَمُوتَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ قَبْلَ الْحَوْلِ، فَيَحْمِلَ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الضَّامِنِ لِلْمَضْمُونِ عَنْهُ بِقَضَاءِ الْحَقِّ، أَوْ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ. وَلَا شَهَادَةُ أَحَدِ الشَّفِيعَيْنِ عَلَى الْآخَرِ بِإِسْقَاطِ شُفْعَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يُوَفِّرُ الْحَقَّ عَلَى نَفْسِهِ. وَلَا شَهَادَةُ بَعْضِ غُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ عَلَى بَعْضِهِمْ بِإِسْقَاطِ دَيْنِهِ، أَوْ اسْتِيفَائِهِ. وَلَا بَعْضِ مَنْ أَوْصَى لَهُ بِمَالٍ عَلَى آخَرَ، بِمَا يُبْطِلُ وَصِيَّتَهُ، إذَا كَانَتْ وَصِيَّتُهُ تَحْصُلُ بِهَا مُزَاحَمَتُهُ؛ إمَّا لِضِيقِ الثُّلُثِ عَنْهُمَا، أَوْ لِكَوْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ بِمُعَيَّنٍ.
فَهَذَا وَأَشْبَاهُهُ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ بِهِ مُتَّهَمٌ؛ لِمَا يَحْصُلُ بِشَهَادَتِهِ مِنْ نَفْعِ نَفْسِهِ، وَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهَا، فَيَكُونُ شَاهِدًا لِنَفْسِهِ. وَقَدْ قَالَ الزُّهْرِيُّ: مَضَتْ السُّنَّةُ فِي الْإِسْلَامِ، أَنْ لَا تَجُوزَ شَهَادَةُ خَصْمٍ، وَلَا ظَنِينٍ. وَالظَّنِينُ: الْمُتَّهَمُ. وَرَوَى طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا شَهَادَةَ لَخَصْمٍ، وَلَا ظَنِينٍ» . وَمِمَّنْ رَدَّ شَهَادَةَ الشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ شُرَيْحٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 10  صفحه : 169
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست