responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 10  صفحه : 16
وَمَوَاقِيتِ الْإِحْرَامِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، لَمْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَيَكُونُ كَنَذْرِ الْمُبَاحِ. وَكَذَلِكَ إنْ نَذَرَ إتْيَانَ مَسْجِدٍ سِوَى الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ، لَمْ يَلْزَمْهُ إتْيَانُهُ. وَإِنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ فِيهِ، لَزِمَهُ الصَّلَاةُ دُونَ الْمَشْيِ، فَفِي أَيِّ مَوْضِعٍ صَلَّى أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَخُصُّ مَكَانًا دُونَ مَكَان، فَلَزِمَتْهُ الصَّلَاةُ دُونَ الْمَوْضِعِ. وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا إلَّا عَنْ اللَّيْثِ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَوْ نَذَرَ صَلَاةً أَوْ صِيَامًا بِمَوْضِعٍ، لَزِمَهُ فِعْلُهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَمَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَسْجِدٍ، مَشَى إلَيْهِ. قَالَ الطَّحَاوِيُّ: وَلَمْ يُوَافِقْهُ عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ، الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِي هَذَا، وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلَوْ لَزِمَهُ الْمَشْيُ إلَى مَسْجِدٍ بَعِيدٍ لَشَدَّ الرَّحْلَ إلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَخْتَصُّ بِمَكَانٍ دُونَ مَكَان، فَلَا يَكُونُ فِعْلُهَا فِيمَا نَذَرَ فِعْلَهَا فِيهِ قُرْبَةً، فَلَا تَلْزَمُهُ بِنَذْرِهِ، وَفَارَقَ مَا لَوْ نَذَرَ الْعِبَادَةَ فِي يَوْمٍ بِعَيْنِهِ، لَزِمَهُ فِعْلُهَا فِيهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - عَيَّنَ لِعِبَادَتِهِ زَمَنًا وَوَقْتًا مُعَيَّنًا، وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهَا مَكَانًا وَمَوْضِعًا، وَالنُّذُورُ مَرْدُودَةٌ إلَى أُصُولِهَا فِي الشَّرْعِ، فَتَعَيَّنَتْ بِالزَّمَانِ دُونَ الْمَكَانِ.

[فَصْلٌ نَذْر الْمَشْي إلَى بَيْتِ اللَّهِ - تَعَالَى وَلَمْ يَنْوِ بِهِ شَيْئًا وَلَمْ يُعِينهُ]
(8186) فَصْلٌ: وَإِنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ - تَعَالَى، وَلَمْ يَنْوِ بِهِ شَيْئًا، وَلَمْ يُعَيِّنْهُ انْصَرَفَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ؛ لِأَنَّهُ الْمَخْصُوصُ بِالْقَصْدِ دُونَ غَيْرِهِ وَإِطْلَاقُ بَيْتِ اللَّهِ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ فِي الْعُرْفِ، فَيَنْصَرِفُ إلَيْهِ إطْلَاقُ النَّذْرِ.

[فَصْلٌ نَذْرَ الْمَشْيَ إلَى مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى]
(8187) فَصْلٌ: وَإِنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، لَزِمَهُ ذَلِكَ. وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ فِي الْآخَرِ: لَا يَبِينُ لِي وُجُوبُ الْمَشْي إلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْبِرَّ بِإِتْيَانِ بَيْتِ اللَّهِ فَرْضٌ، وَالْبِرَّ بِإِتْيَانِ هَذَيْنِ نَفْلٌ.
وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ، الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِي هَذَا، وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى.» وَلِأَنَّهُ أَحَدُ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ، فَيَلْزَمُ الْمَشْيُ إلَيْهِ بِالنَّذْرِ، كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَلَا يَلْزَمُ مَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ قُرْبَةٍ تَجِبُ بِالنَّذْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَصْلُ فِي الْوُجُوبِ، كَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَشُهُودِ الْجَنَائِزِ، وَيَلْزَمُهُ بِهَذَا النَّذْرِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَتَاهُ رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِالنَّذْرِ الْقُرْبَةُ وَالطَّاعَةُ، وَإِنَّمَا تَحْصِيلُ ذَلِكَ بِالصَّلَاةِ، فَتَضَمَّنَ ذَلِكَ نَذْرُهُ، كَمَا يَلْزَمُ نَاذِرَ الْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ أَحَدُ النُّسُكَيْنِ، وَنَذْرُ الصَّلَاةِ فِي أَحَدِ الْمَسْجِدَيْنِ كَنَذْرِ الْمَشْيِ إلَيْهِ، كَمَا أَنَّ نَذْرَ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَنَذْرِ الْمَشْيِ إلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ فِي مَوْضِعٍ بِالنَّذْرِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؛ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ مَا لَا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرْعِ لَا يَجِبُ بِالنَّذْرِ؛ بِدَلِيلِ نَذْرِ الصَّلَاةِ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 10  صفحه : 16
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست