responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 10  صفحه : 154
فَسَمِعَ مِثْلَ هَذَا، فَصَنَعَ مِثْلَ هَذَا» . رَوَاهُ الْخَلَّالُ، فِي " جَامِعِهِ " مِنْ طَرِيقَيْنِ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي " سُنَنِهِ "، وَقَالَ: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. وَقَدْ احْتَجَّ قَوْمٌ بِهَذَا الْخَبَرِ عَلَى إبَاحَةِ الْمِزْمَارِ، وَقَالُوا: لَوْ كَانَ حَرَامًا لَمَنَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنَ عُمَرَ مِنْ سَمَاعِهِ، وَمَنَعَ ابْنُ عُمَرَ نَافِعًا مِنْ اسْتِمَاعِهِ، وَلَأَنْكَرَ عَلَى الزَّامِرِ بِهَا. قُلْنَا: أَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ اسْتِمَاعُهَا دُونَ سَمَاعِهَا، وَالِاسْتِمَاعُ غَيْرُ السَّمَاعِ، وَلِهَذَا فَرَّقَ الْفُقَهَاءُ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ بَيْنَ السَّامِعِ وَالْمُسْتَمِعِ، وَلَمْ يُوجِبُوا عَلَى مَنْ سَمِعَ شَيْئًا مُحَرَّمًا سَدَّ أُذُنَيْهِ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ} [القصص: 55] . وَلَمْ يَقُلْ: سَدُّوا آذَانَهُمْ.
وَالْمُسْتَمِعُ هُوَ الَّذِي يَقْصِدُ السَّمَاعَ، وَلَمْ يُوجَدْ هَذَا مِنْ ابْنِ عُمَرَ، وَإِنَّمَا وُجِدَ مِنْهُ السَّمَاعُ؛ وَلِأَنَّ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَاجَةً إلَى مَعْرِفَةِ انْقِطَاعِ الصَّوْتِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَدَلَ عَنْ الطَّرِيقِ، وَسَدَّ أُذُنَيْهِ، فَلَمْ يَكُنْ لِيَرْجِعَ إلَى الطَّرِيقِ، وَلَا يَرْفَعَ إصْبَعَيْهِ عَنْ أُذُنَيْهِ، حَتَّى يَنْقَطِعَ الصَّوْتُ عَنْهُ، فَأُبِيحَ لِلْحَاجَةِ. وَأَمَّا الْإِنْكَارُ، فَلَعَلَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِ الْهِجْرَةِ، حِينَ لَمْ يَكُنْ الْإِنْكَارُ وَاجِبًا، أَوْ قَبْلَ إمْكَانِ الْإِنْكَارِ؛ لِكَثْرَةِ الْكُفَّارِ، وَقِلَّةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ. فَإِنْ قِيلَ: فَهَذَا الْخَبَرُ ضَعِيفٌ، فَإِنَّ أَبَا دَاوُد رَوَاهُ، وَقَالَ: هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. قُلْنَا: قَدْ رَوَاهُ الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ مِنْ طَرِيقَيْنِ، فَلَعَلَّ أَبَا دَاوُد ضَعَّفَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ لَهُ إلَّا مِنْ إحْدَى الطَّرِيقَيْنِ.
وَضَرْبٌ مُبَاحٌ؛ وَهُوَ الدُّفُّ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَعْلِنُوا النِّكَاحَ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفِّ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَذَكَرَ أَصْحَابُنَا، وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ، أَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي غَيْرِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ يُرْوَى عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ إذَا سَمِعَ صَوْتَ الدُّفِّ، بَعَثَ فَنَظَرَ، فَإِنْ كَانَ فِي وَلِيمَةٍ سَكَتَ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهَا، عَمَدَ بِالدُّرَّةِ. وَلَنَا، مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْهُ، فَقَالَتْ: إنِّي نَذَرْت إنْ رَجَعْت مِنْ سَفَرِك سَالِمًا، أَنْ أَضْرِبَ عَلَى رَأْسِك بِالدُّفِّ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَوْفِ بِنَذْرِك» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَلَوْ كَانَ مَكْرُوهًا لَمْ يَأْمُرْهَا بِهِ وَإِنْ كَانَ مَنْذُورًا. وَرَوَتْ الرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذٍ، قَالَتْ: «دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَبِيحَةَ بُنِيَ بِي، فَجَعَلَتْ جُوَيْرِيَّاتٌ يَضْرِبْنَ بِدُفٍّ لَهُنَّ، وَيَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مَنْ آبَائِي يَوْمَ بَدْرٍ، إلَى أَنْ قَالَتْ إحْدَاهُنَّ: وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ. فَقَالَ: دَعِي هَذَا، وَقُولِي الَّذِي كُنْت تَقُولِينَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 10  صفحه : 154
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست