responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 10  صفحه : 14
النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ» . وَلِأَنَّ الْمَشْيَ مِمَّا لَا يُوجِبُهُ الْإِحْرَامُ، فَلَمْ يَجِبْ الدَّمُ بِتَرْكِهِ، كَمَا لَوْ نَذَرَ صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ، فَتَرَكَهُمَا، وَحَدِيثُ الْهَدْيِ ضَعِيفٌ، وَهَذَا حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ، حَيْثُ أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْعَجْزِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْعَجْزِ. قُلْنَا: يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى حَالَةِ الْعَجْزِ؛ لِأَنَّ الْمَشْيَ قُرْبَةٌ، لِأَنَّهُ مَشْيٌ إلَى عِبَادَةٍ، وَالْمَشْيُ إلَى الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ وَلِهَذَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَرْكَبْ فِي عِيدٍ وَلَا جِنَازَةٍ.» فَلَوْ كَانَتْ قَادِرَةً عَلَى الْمَشْيِ، لَأَمَرَهَا بِهِ. وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِالرُّكُوبِ وَالتَّكْفِيرِ، وَلِأَنَّ الْمَشْيَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا أَوْ مُبَاحًا؛ فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا، لَزِمَ الْوَفَاءُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا، لَمْ تَجِبْ الْكَفَّارَةُ بِتَرْكِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَقَدْ أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ هَاهُنَا. وَتَرْكُ ذِكْرِهِ فِي الْحَدِيثِ؛ إمَّا لِعِلْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَالِهَا وَعَجْزِهَا، وَإِمَّا لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمَرْأَةِ الْعَجْزُ عَنْ الْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ. أَوْ يَكُونُ قَدْ ذُكِرَ فِي الْخَبَرِ فَتَرَكَ الرَّاوِي ذِكْرَهُ.
وَقَوْلُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ: إنَّهُ أَخَلَّ بِوَاجِبٍ فِي الْحَجِّ. قُلْنَا: الْمَشْيُ لَمْ يُوجِبْهُ الْإِحْرَامُ، وَلَا هُوَ مِنْ مَنَاسِكِهِ، فَلَمْ يَجِبْ بِتَرْكِهِ هَدْيٌ، كَمَا لَوْ نَذَرَ صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَجِّ، فَلَمْ يُصَلِّهِمَا. فَأَمَّا إنْ تَرَكَ الْمَشْيَ مَعَ إمْكَانِهِ، فَقَدْ أَسَاءَ، وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أَيْضًا؛ لِتَرْكِهِ صِفَةَ النَّذْرِ.
وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنْ يَلْزَمَهُ اسْتِئْنَافُ الْحَجِّ مَاشِيًا؛ لِتَرْكِهِ صِفَةَ الْمَنْذُورِ، كَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمًا مُتَتَابِعًا فَأَتَى بِهِ مُتَفَرِّقًا. وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْمَشْيِ بَعْدَ الْحَجِّ، كَفَّرَ، وَأَجْزَأَهُ. وَإِنْ مَشَى بَعْضَ الطَّرِيقِ، وَرَكِبَ بَعْضًا، فَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ، يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ أَنْ يَحُجَّ فَيَمْشِيَ مَا رَكِبَ، وَيَرْكَبَ مَا مَشَى. وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ إلَّا حَجٌّ يَمْشِي فِي جَمِيعِهِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ النَّذْرِ يَقْتَضِي هَذَا.
وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِتَرْكِ الْمَشْيِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ كَفَّارَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَشْيَ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِي الْحَجِّ، وَلَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِاعْتِبَارِهِ فِي مَوْضِعٍ، فَلَمْ يَلْزَمْ بِتَرْكِهِ أَكْثَرُ مِنْ كَفَّارَةٍ، كَمَا لَوْ نَذَرَ الْتَّحَفِّي وَشِبْهَهُ، وَفَارَقَ التَّتَابُعَ فِي الصِّيَامِ؛ فَإِنَّهَا صِفَةٌ مَقْصُودَةٌ فِيهِ، اعْتَبَرَهَا الشَّرْعُ فِي صِيَامِ الْكَفَّارَاتِ، كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْجِمَاعِ وَالْيَمِينِ.

[فَصْلٌ نَذَرَ الْحَجَّ رَاكِبًا]
(8183) فَصْلٌ: فَإِنْ نَذَرَ الْحَجَّ رَاكِبًا، لَزِمَهُ الْحَجُّ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ إنْفَاقًا فِي الْحَجِّ فَإِنْ تَرَكَ الرُّكُوبَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 10  صفحه : 14
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست