responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 10  صفحه : 10
أَحَدُهُمَا، أَنَّ قَوْلَهُ: «يُجْزِئُ عَنْك الثُّلُثُ» . دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَتَى بِلَفْظٍ يَقْتَضِي الْإِيجَابَ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُسْتَعْمَلُ غَالِبًا فِي الْوَاجِبَاتِ، وَلَوْ كَانَ مُخَيَّرًا بِإِرَادَةِ الصَّدَقَةِ، لَمَا لَزِمَهُ شَيْءٌ يُجْزِئُ عَنْهُ بَعْضُهُ.
الثَّانِي، أَنَّ مَنْعَهُ مِنْ الصَّدَقَةِ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَمْنَعُ أَصْحَابَهُ مِنْ الْقُرَبِ، وَنَذْرُ مَا لَيْسَ بِقُرْبَةٍ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ. وَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، فَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ.
وَمَا قَالَهُ رَبِيعَةُ، لَا يَصِحُّ؛ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِزَكَاةٍ، وَلَا فِي مَعْنَاهَا، فَإِنَّ الصَّدَقَةَ وَجَبَتْ لِإِغْنَاءِ الْفُقَرَاءِ وَمُوَاسَاتِهِمْ، وَهَذِهِ صَدَقَةٌ تَبَرَّعَ بِهَا صَاحِبُهَا تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ - تَعَالَى، ثُمَّ إنَّ الْمَحْمُولَ عَلَى مَعْهُودِ الشَّرْعِ الْمُطْلَقُ، وَهَذِهِ صَدَقَةٌ مُعَيَّنَةٌ غَيْرُ مُطْلَقَةٍ، ثُمَّ تَبْطُلُ بِمَا لَوْ نَذَرَ صِيَامًا، فَإِنَّهُ لَا يُحْمَلُ عَلَى صَوْمِ رَمَضَانَ، وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ. وَمَا ذَكَرَهُ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، تَحَكُّمٌ بِغَيْرِ دَلِيلٍ.

[فَصْلٌ نَذْرَ الصَّدَقَةَ بِمُعِينِ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِمُقَدَّرِ كَأَلْفِ]
(8176) فَصْلٌ: وَإِذَا نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِمُعَيَّنٍ مِنْ مَالِهِ، أَوْ بِمُقَدَّرٍ، كَأَلْفٍ، فَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَجُوزُ ثُلُثُهُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِهِ، فَأَجْزَأَهُ ثُلُثُهُ، كَجَمِيعِ الْمَالِ.
وَالصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ لُزُومُ الصَّدَقَةِ بِجَمِيعِهِ؛ لِأَنَّهُ مَنْذُورٌ، وَهُوَ قُرْبَةٌ، فَيَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ، كَسَائِرِ الْمَنْذُورَاتِ، وَلِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: 7] . وَإِنَّمَا خُولِفَ هَذَا فِي جَمِيعِ الْمَالِ؛ لِلْأَثَرِ فِيهِ، وَلِمَا فِي الصَّدَقَةِ بِجَمِيعِ الْمَالِ مِنْ الضَّرَرِ اللَّاحِقِ بِهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَنْذُورُ هَاهُنَا يَسْتَغْرِقُ جَمِيعَ الْمَالِ، فَيَكُونَ كَنَذْرِ ذَلِكَ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَنْذُورُ ثُلُثَ الْمَالِ فَمَا دُونُ، لَزِمَهُ وَفَاءُ نَذْرِهِ، وَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، لَزِمَهُ الصَّدَقَةُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ يُعْتَبَرُ فِيهِ الثُّلُثُ، فَأَشْبَهَ الْوَصِيَّةَ بِهِ.

[فَصْلٌ نَذْر الصَّدَقَة بِقَدْرِ مِنْ الْمَالِ فَأَبْرَأ غَرِيمَهُ مِنْ قَدْره يَقْصِد بِهِ وَفَاء النَّذْر]
(8177) فَصْلٌ: وَإِذَا نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِقَدْرٍ مِنْ الْمَالِ، فَأَبْرَأَ غَرِيمَهُ مِنْ قَدْرِهِ، يَقْصِدُ بِهِ وَفَاءَ النَّذْرِ لَمْ يُجْزِئْهُ، وَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ. قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُجْزِئُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ تَقْتَضِي التَّمْلِيكَ، وَهَذَا إسْقَاطٌ، فَلَمْ يُجْزِئْهُ، كَمَا فِي الزَّكَاةِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ، فِيمَنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَالٍ، وَفِي نَفْسِهِ أَنَّهُ أَلْفٌ: أَجْزَأَهُ أَنْ يُخْرِجَ مَا شَاءَ. وَذَلِكَ لِأَنَّ اسْمَ الْمَالِ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ، وَمَا نَوَاهُ زِيَادَةٌ عَلَى مَا تَنَاوَلَهُ الِاسْمُ، وَالنَّذْرُ لَا يَلْزَمُ بِالنِّيَّةِ. وَالْقِيَاسُ أَنْ يَلْزَمَهُ مَا نَوَاهُ؛ لِأَنَّهُ نَوَى بِكَلَامِهِ مَا يَحْتَمِلُهُ، فَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِهِ كَالْيَمِينِ. وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ فِيمَنْ نَوَى صَوْمًا أَوْ صَلَاةً، وَفِي نَفْسِهِ أَكْثَرُ مِمَّا يَتَنَاوَلُهُ لَفْظُهُ، أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَهَذَا كَذَلِكَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 10  صفحه : 10
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست