responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 77
كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَإِنَّمَا ثَبَتَ بِالشَّرْعِ وَالْأَحَادِيثِ، قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ يَثْبُتُ فِي هَذَا حَدِيثٌ، وَلَا أَعْلَمُ فِيهَا حَدِيثًا لَهُ إسْنَادٌ جَيِّدٌ.
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ: ضَعَّفَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَدِيثَ فِي التَّسْمِيَةِ، وَقَالَ: أَقْوَى شَيْءٍ فِيهِ حَدِيثُ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ رُبَيْحٍ - يَعْنِي حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ - ثُمَّ ذَكَرَ رُبَيْحًا، أَيْ مَنْ هُوَ؟ وَمَنْ أَبُوهُ؟ فَقَالَ: يَعْنِي الَّذِي يَرْوِي حَدِيثَ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ. يَعْنِي أَنَّهُمْ مَجْهُولُونَ، وَضَعَّفَ إسْنَادَهُ. وَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ فَيُحْمَلُ عَلَى تَأْكِيدِ الِاسْتِحْبَابِ وَنَفْيِ الْكَمَالِ بِدُونِهَا، كَقَوْلِهِ: «لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ» . (131) فَصْلٌ: وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِهَا فَتَرَكَهَا عَمْدًا، لَمْ تَصِحَّ طَهَارَتُهُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ وَاجِبًا فِي الطَّهَارَةِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ تَرَكَ النِّيَّةَ. وَإِنْ تَرَكَهَا سَهْوًا صَحَّتْ طَهَارَتُهُ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد فَإِنَّهُ قَالَ.
سَأَلْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ: إذَا نَسِيَ التَّسْمِيَةَ فِي الْوُضُوءِ؟ قَالَ: أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ شَيْءٌ. وَهَذَا قَوْلُ إِسْحَاقَ فَعَلَى هَذَا إذَا ذَكَرِ فِي أَثْنَاءِ طَهَارَتِهِ أَتَى بِهَا حَيْثُ ذَكَرَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عُفِيَ عَنْهَا مَعَ السَّهْوِ فِي جُمْلَةِ الْوُضُوءِ فَفِي بَعْضِهِ أَوْلَى، وَإِنْ تَرَكَهَا عَمْدًا حَتَّى غَسَلَ عُضْوًا لَمْ يَعْتَدَّ بِغَسْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ مَعَ الْعَمْدِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ: إذَا سَمَّى فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ أَجْزَأَهُ. يَعْنِي عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَى وُضُوئِهِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَا تَسْقُطُ بِالسَّهْوِ لِعُمُومِ الْخَبَرِ، وَقِيَاسًا لَهَا عَلَى سَائِرِ الْوَاجِبَاتِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ» ؛ وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ تَتَغَايَرُ أَفْعَالُهَا، فَكَانَ فِي وَاجِبَاتِهَا مَا يَسْقُطُ بِالسَّهْوِ كَالصَّلَاةِ، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهَا عَلَى سَائِرِ وَاجِبَاتِ الطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ تَأَكَّدَ وُجُوبُهَا، بِخِلَافِ التَّسْمِيَةِ.
إذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّ التَّسْمِيَةَ هِيَ قَوْلُ بِسْمِ اللَّهِ لَا يَقُومُ غَيْرُهَا مَقَامَهَا، كَالتَّسْمِيَةِ الْمَشْرُوعَةِ عَلَى الذَّبِيحَةِ، وَعِنْدَ أَكْلِ الطَّعَامِ وَشُرْبِ الشَّرَابِ، وَمَوْضِعُهَا بَعْدَ النِّيَّةِ قَبْلَ أَفْعَالِ الطَّهَارَةِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ قَوْلٌ وَاجِبٌ فِي الطَّهَارَةِ، فَيَكُونُ بَعْدَ النِّيَّةِ، لِتَشْمَلَ النِّيَّةَ جَمِيعَ وَاجِبَاتِهَا، وَقَبْلَ أَفْعَالِ الطَّهَارَةِ، لِيَكُونَ مُسَمِّيًا عَلَى جَمِيعِهَا، كَمَا يُسَمَّى عَلَى الذَّبِيحَةِ وَقْتَ ذَبْحِهَا.

[مَسْأَلَة الْمُبَالَغَةِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ]
(132) مَسْأَلَةٌ قَالَ: وَالْمُبَالَغَةُ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَائِمًا مَعْنَى الْمُبَالَغَةِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ: اجْتِذَابُ الْمَاءِ بِالنَّفَسِ إلَى أَقْصَى الْأَنْفِ، وَلَا يَجْعَلُهُ سَعُوطًا، وَذَلِكَ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ فِي الْوُضُوءِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ صَائِمًا فَلَا يُسْتَحَبُّ، لَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى عَاصِمُ بْنُ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنْ الْوُضُوءِ. قَالَ أَسْبِغْ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَلِأَنَّهُ مِنْ أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ، فَاسْتُحِبَّتْ الْمُبَالَغَةُ فِيهِ كَسَائِرِ أَعْضَائِهَا.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 77
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست