responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 56
مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ.» وَنَهَى عَنْ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ، وَقَالَ: «مَنْ شَرِبَ فِيهَا فِي الدُّنْيَا لَمْ يَشْرَبْ فِيهَا فِي الْآخِرَةِ.» وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِنَّ.
فَنَهَى وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ وَعِيدًا شَدِيدًا، يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَيُرْوَى " نَارُ جَهَنَّمَ " بِرَفْعِ الرَّاءِ وَنَصْبِهَا؛ فَمَنْ رَفَعَهَا نَسَبِ الْفِعْلَ إلَى النَّارِ، وَمَنْ نَصَبَهَا أَضْمَرَ الْفَاعِلَ فِي الْفِعْلِ، وَجَعَلَ النَّارَ مَفْعُولًا، تَقْدِيرُهُ: يُجَرْجِرُ الشَّارِبُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ. وَالْعِلَّةُ فِي تَحْرِيمِ الشُّرْبِ فِيهَا مَا يَتَضَمَّنُهُ ذَلِكَ مِنْ الْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ، وَكَسْرِ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الطَّهَارَةِ مِنْهَا وَاسْتِعْمَالِهَا كَيْفَمَا كَانَ، بَلْ إذَا حَرُمَ فِي غَيْرِ الْعِبَادَةِ فَفِيهَا أَوْلَى، فَإِنْ تَوَضَّأَ مِنْهَا، أَوْ اغْتَسَلَ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدهمَا تَصِحُّ طَهَارَتُهُ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الطَّهَارَةِ وَمَاءَهَا لَا يَتَعَلَّقُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، أَشْبَهَ الطَّهَارَةَ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ. وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ
اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ؛ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الْمُحَرَّمَ فِي الْعِبَادَةِ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَيُفَارِقُ هَذَا الصَّلَاةَ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ؛ لِأَنَّ أَفْعَالَ الصَّلَاةِ مِنْ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ؛ مُحَرَّمٌ؛ لِكَوْنِهِ تَصَرُّفًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَشُغْلًا لَهُ، وَأَفْعَالُ الْوُضُوءِ؛ مِنْ الْغَسْلِ، وَالْمَسْحِ، لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ، إذْ لَيْسَ هُوَ اسْتِعْمَالًا لِلْإِنَاءِ، وَلَا تَصَرُّفًا فِيهِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ ذَلِكَ بَعْدَ رَفْعِ الْمَاءِ مِنْ الْإِنَاءِ، وَفَصْلِهِ عَنْهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ غَرَفَ بِآنِيَةِ الْفِضَّةِ فِي إنَاءٍ غَيْرِهِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ بِهِ؛ وَلِأَنَّ الْمَكَانَ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ، إذْ لَا يُمْكِنُ وُجُودُهَا فِي غَيْرِ مَكَان، وَالْإِنَاءُ لَيْسَ بِشَرْطٍ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ صَلَّى وَفِي يَدِهِ خَاتَمُ ذَهَبٍ.

[مَسْأَلَة جَعَلَ آنِيَةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مَصَبًّا لِمَاءِ الْوُضُوءِ]
مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ جَعَلَ آنِيَةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مَصَبًّا لِمَاءِ الْوُضُوءِ، يَنْفَصِلُ الْمَاءُ عَنْ أَعْضَائِهِ إلَيْهِ، صَحَّ الْوُضُوءُ؛ لِأَنَّ الْمُنْفَصِلَ الَّذِي يَقَعُ فِي الْآنِيَةِ قَدْ رَفَعَ الْحَدَثَ، فَلَمْ يَزُلْ ذَلِكَ بِوُقُوعِهِ فِي الْإِنَاء، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الْفَخْرَ وَالْخُيَلَاءَ وَكَسْرَ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ يَحْصُلُ بِاسْتِعْمَالِهِ هَاهُنَا؛ كَحُصُولِهِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَفِعْلُ الطَّهَارَةِ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 56
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست