responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 52
[فَصْلٌ مَا يُدْبَغُ بِهِ جِلْدُ الْمَيْتَةِ]
(79) فَصْلٌ: وَيَفْتَقِرُ مَا يُدْبَغُ بِهِ إلَى أَنْ يَكُونَ مُنَشِّفًا لِلرُّطُوبَةِ، مُنَقِّيًا لِلْخُبْثِ، كَالشَّبِّ وَالْقَرَظِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ طَاهِرًا، فَإِنْ كَانَ نَجِسًا لَمْ يُطَهِّرْ الْجِلْدَ؛ لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ مِنْ نَجَاسَةٍ، فَلَمْ تَحْصُلْ بِنَجِسٍ، كَالِاسْتِجْمَارِ وَالْغُسْلِ، وَهَلْ يَطْهُرُ الْجِلْدُ بِمُجَرَّدِ الدَّبْغِ قَبْلَ غَسْلِهِ بِالْمَاءِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا، لَا تَحْصُلُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جِلْدِ الشَّاةِ الْمَيْتَةِ: «يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْقَرَظُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد؛ وَلِأَنَّ مَا يُدْبَغُ بِهِ نَجِسَ بِمُلَاقَاةِ الْجِلْدِ، فَإِذَا انْدَبَغَ الْجِلْدُ بَقِيَتْ الْآلَةُ نَجِسَةً فَتَبْقَى نَجَاسَةُ الْجِلْدِ لِمُلَاقَاتِهَا لَهُ، فَلَا يَزُولُ إلَّا بِالْغَسْلِ.
وَالثَّانِي: يَطْهُرُ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» ؛ وَلِأَنَّهُ طَهُرَ بِانْقِلَابِهِ، فَلَمْ يَفْتَقِرْ إلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، كَالْخَمْرَةِ إذَا انْقَلَبَتْ خَلًّا.
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَالْخَبَرُ وَالْمَعْنَى يَدُلَّانِ عَلَى طَهَارَةِ عَيْنِهِ، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ وُجُوبِ غَسْلِهِ مِنْ نَجَاسَةٍ تُلَاقِيهِ، كَمَا لَوْ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ سِوَى آلَةِ الدَّبْغِ، أَوْ أَصَابَتْهُ آلَةُ الدَّبْغِ بَعْدَ فَصْلِهِ عَنْهَا.
(80) فَصْلٌ وَلَا يَفْتَقِرُ الدَّبْغُ إلَى فِعْلٍ؛ لِأَنَّهَا إزَالَةُ نَجَاسَةٍ، فَأَشْبَهَتْ غَسْلَ الْأَرْضِ، فَلَوْ وَقَعَ جِلْدُ مَيْتَةٍ فِي مَدْبَغَةٍ، بِغَيْرِ فِعْلٍ، فَانْدَبَغَ، طَهُرَ، كَمَا لَوْ نَزَلَ مَاءُ السَّمَاءِ عَلَى أَرْضٍ نَجِسَةٍ طَهَّرَهَا.

[فَصْلٌ حُكْمُ جِلْدِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ بَعْدَ الذَّبْحِ]
(81) فَصْلٌ: وَإِذَا ذُبِحَ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ كَانَ جِلْدُهُ نَجِسًا. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ: يَطْهُرُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «دِبَاغُ الْأَدِيمِ ذَكَاتُهُ.» أَيْ: كَذَكَاتِهِ، فَشَبَّهَ الدَّبْغَ بِالذَّكَاةِ، وَالْمُشَبَّهُ بِهِ أَقْوَى مِنْ الْمُشَبَّهِ، فَإِذَا طَهَّرَ الدَّبْغُ مَعَ ضَعْفِهِ فَالذَّكَاةُ أَوْلَى؛ وَلِأَنَّ الدَّبْغَ يَرْفَعُ الْعِلَّةَ بَعْدَ وُجُودِهَا، وَالذَّكَاةُ تَمْنَعُهَا، وَالْمَنْعُ أَقْوَى مِنْ الرَّفْعِ. وَلَنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ افْتِرَاشِ جُلُودِ السِّبَاعِ، وَرُكُوبِ النُّمُورِ» وَهُوَ عَامٌ فِي الْمُذَكَّى وَغَيْرِهِ؛ وَلِأَنَّهُ ذَبْحٌ لَا يُطَهِّرُ اللَّحْمَ، فَلَمْ يُطَهِّرْ الْجِلْدَ، كَذَبْحِ الْمَجُوسِيِّ. أَوْ ذَبْحٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ، فَأَشْبَهَ الْأَصْلَ، وَالْخَبَرُ قَدْ أَجَبْنَا عَنْهُ فِيمَا مَضَى، ثُمَّ نَقُولُ: إنَّ الدَّبْغَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي مَأْكُولِ اللَّحْمِ، فَكَذَلِكَ مَا شُبِّهَ بِهِ، وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي تَطْهِيرِ غَيْرِهِ، فَلَا يَلْزَمُ حُصُولُ التَّطْهِيرِ بِالذَّكَاةِ، لِكَوْنِ الدَّبْغِ مُزِيلًا لِلْخُبْثِ وَالرُّطُوبَاتِ كُلِّهَا، مُطَيِّبًا لِلْجِلْدِ عَلَى وَجْهٍ يَتَهَيَّأُ بِهِ لِلْبَقَاءِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَغَيَّرُ، وَالذَّكَاةُ لَا يَحْصُلُ بِهَا ذَلِكَ، فَلَا يُسْتَغْنَى بِهَا عَنْ الدَّبْغِ.
وَقَوْلُهُمْ: الْمُشَبَّهُ أَضْعَفُ مِنْ الْمُشَبَّهُ بِهِ. غَيْرُ لَازِمِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي صِفَةِ الْحُورِ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 52
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست