responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 45
أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَزِيدَ عَدَدُ الطَّاهِرِ عَلَى النَّجِسِ، فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّحَرِّي فِيهِمَا.
وَالثَّانِي أَنْ يَكْثُرَ عَدَدُ الطَّاهِرَاتِ؛ فَذَهَبَ أَبُو عَلِيٍّ النَّجَّادُ، مِنْ أَصْحَابِنَا، إلَى جَوَازِ التَّحَرِّي فِيهَا. وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ إصَابَةُ الطَّاهِرِ؛ وَلِأَنَّ جِهَةَ الْإِبَاحَةِ قَدْ تَرَجَّحَتْ، فَجَازَ التَّحَرِّي، كَمَا لَوْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ أُخْتُهُ فِي نِسَاءِ مِصْرَ.، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّحَرِّي فِيهَا بِحَالٍ.
وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ. وَهُوَ قَوْلُ الْمُزَنِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَتَحَرَّى وَيَتَوَضَّأُ بِالْأَغْلَبِ عِنْدَهُ فِي الْحَالَيْنِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ، فَجَازَ التَّحَرِّي مِنْ أَجْلِهِ، كَمَا لَوْ اشْتَبَهْت الْقِبْلَةُ؛ وَلِأَنَّ الطَّهَارَةَ تُؤَدَّى بِالْيَقِينِ تَارَةً، وَبِالظَّنِّ أُخْرَى، وَلِهَذَا جَازَ التَّوَضُّؤُ بِالْمَاءِ الْقَلِيلِ الْمُتَغَيِّرِ، الَّذِي لَا يُعْلَمُ سَبَبُ تَغَيُّرِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: يَتَوَضَّأُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وُضُوءًا، وَيُصَلِّي بِهِ.
وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ: يَغْسِلُ مَا أَصَابَهُ مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ أَدَاءُ فَرْضِهِ بِيَقِينٍ، فَلَزِمَهُ، كَمَا لَوْ اشْتَبَهَ طَاهِرٌ بِطَهُورٍ، وَكَمَا لَوْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ يَوْمٍ لَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا، أَوْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الثِّيَابُ. وَلَنَا أَنَّهُ اشْتَبَهَ الْمُبَاحُ بِالْمَحْظُورِ، فِيمَا لَا تُبِيحُهُ الضَّرُورَةُ، فَلَمْ يَجُزْ التَّحَرِّي، كَمَا لَوْ اسْتَوَى الْعَدَدُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَوْلًا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، فَإِنَّهُ قَدْ سَلَّمَهُ، وَاعْتَذَرَ أَصْحَابُهُ بِأَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الطَّهَارَةِ. قُلْنَا: وَهَذَا الْمَاءُ قَدْ زَالَ عَنْهُ أَصْلُ الطَّهَارَةِ، وَصَارَ نَجِسًا، فَلَمْ يَبْقَ لِلْأَصْلِ الزَّائِلِ أَثَرٌ، عَلَى أَنَّ الْبَوْلَ قَدْ كَانَ مَاءً، فَلَهُ أَصْلٌ فِي الطَّهَارَةِ، كَهَذَا الْمَاءِ النَّجِسِ.
وَقَوْلُهُمْ: إذَا كَثُرَ الطَّاهِرُ تَرَجَّحَتْ الْإِبَاحَةُ. يَبْطُلُ بِمَا إذَا اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ فِي مِائَةٍ أَوْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّيَاتٍ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّحَرِّي، وَإِنْ كَثُرَ الْمُبَاحُ، وَأَمَّا إذَا اشْتَبَهَتْ فِي نِسَاءِ مِصْرٍ، فَإِنَّهُ يَشُقُّ اجْتِنَابُهُنَّ جَمِيعًا، وَلِذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ النِّكَاحُ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ. وَأَمَّا الْقِبْلَةُ فَيُبَاحُ تَرْكُهَا لِلضَّرُورَةِ، كَحَالَةِ الْخَوْفِ، وَيَجُوزُ أَيْضًا فِي السَّفَرِ فِي صَلَاةِ النَّافِلَةِ؛ وَلِأَنَّ قِبْلَتَهُ مَا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ بِظَنِّهِ، وَلَوْ بَانَ لَهُ يَقِينُ الْخَطَأِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا.
وَأَمَّا الْمُتَغَيِّرُ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ يَعْلَمُهُ، فَيَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ اسْتِنَادًا إلَى أَصْلِ الطَّهَارَةِ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ نَجَاسَتُهُ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَحَرٍّ. وَفِي مَسْأَلَتِنَا عَارَضَ يَقِينُ الطَّهَارَةِ يَقِينَ النَّجَاسَةِ، فَلَمْ يَبْقَ لَهُ حُكْمٌ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ. ثُمَّ يَبْطُلُ قِيَاسُهُمْ بِمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا بَوْلًا وَالْآخَرُ مَاءً. وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا: أَنَّهُ لَوْ تَوَضَّأَ مِنْ أَحَدِ الْإِنَاءَيْنِ وَصَلَّى، ثُمَّ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ فِي الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْآخَرَ هُوَ الطَّاهِرُ، فَتَوَضَّأَ بِهِ وَصَلَّى مِنْ غَيْرِ غَسْلِ أَثَرِ الْأَوَّلِ، فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ يَقِينًا، وَإِنْ غَسَلَ أَثَرَ الْأَوَّلِ فَفِيهِ حَرَجٌ وَنَقْضٌ لِاجْتِهَادِهِ بِاجْتِهَادِهِ، وَنَعْلَمُ أَنَّ إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ بَاطِلَةٌ، لَا بِعَيْنِهَا فَيَلْزَمُهُ إعَادَتُهُمَا، فَإِنْ تَوَضَّأَ مِنْ الْأَوَّلِ فَقَدْ تَوَضَّأَ بِمَا يَعْتَقِدُهُ نَجِسًا.
وَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فَبَاطِلٌ؛ فَإِنَّهُ يُفْضِي إلَى تَنْجِيسِ نَفْسِهِ يَقِينًا، وَبُطْلَانِ صَلَاتِهِ إجْمَاعًا. وَمَا قَالَهُ ابْنُ مَسْلَمَةَ فَفِيهِ حَرَجٌ، وَيَبْطُلُ بِالْقِبْلَةِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى أَرْبَعِ جِهَاتٍ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 45
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست