responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 415
فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ النِّسَاءِ: وَارُوا عَنَّا عَوْرَةَ قَارِئِكُمْ. فَاشْتَرَوْا لِي قَمِيصًا عُمَانِيًّا، فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَرَحِي بِهِ.» وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد،، وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: «فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ فِي بُرْدَةٍ مُوَصَّلَةٍ فِيهَا فَتْقٌ، فَكُنْتُ إذَا سَجَدْتُ فِيهَا خَرَجَتْ اسْتِي» .
وَهَذَا يَنْتَشِرُ وَلَمْ يُنْكَرْ، وَلَا بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْكَرَهُ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ؛ وَلِأَنَّ مَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ مَعَ كَثِيرِهِ حَالَ الْعُذْرِ، فُرِّقَ بَيْنَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ فِي غَيْرِ حَالِ الْعُذْرِ، كَالْمَشْيِ، وَلِأَنَّ الِاحْتِرَازَ مِنْ الْيَسِيرِ يَشُقُّ، فَعُفِيَ عَنْهُ كَيَسِيرِ الدَّمِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّ حَدَّ الْكَثِيرِ مَا فَحُشَ فِي النَّظَرِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْفَرْجَيْنِ وَغَيْرِهِمَا. وَالْيَسِيرُ مَا لَا يَفْحُشُ، وَالْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْعَادَةِ، إلَّا أَنَّ الْمُغَلَّظَةَ يَفْحُشُ مِنْهَا مَا لَا يَفْحُشُ مِنْ غَيْرِهَا، فَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي الْمَانِعِ مِنْ الصَّلَاةِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ انْكَشَفَ مِنْ الْمُغَلَّظَةِ قَدْرُ الدِّرْهَمِ أَوْ مِنْ الْمُخَفَّفَةِ أَقَلُّ مِنْ رُبُعِهَا، لَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ. وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ، بَطَلَتْ. وَلَنَا، أَنَّ هَذَا شَيْءٌ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِتَقْدِيرِهِ، فَرُجِعَ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ، كَالْكَثِيرِ مِنْ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ، وَالتَّفَرُّقِ وَالْإِحْرَازِ، وَالتَّقْدِيرُ بِالتَّحَكُّمِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ لَا يَسُوغُ.

[فَصْلٌ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ عَنْ غَيْرِ عَمْدٍ فِي الصَّلَاة فَسَتَرَهَا فِي الْحَالِ]
(806) فَصْلٌ: فَإِنْ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ عَنْ غَيْرِ عَمْدٍ، فَسَتَرَهَا فِي الْحَالِ، مِنْ غَيْرِ تَطَاوُلِ الزَّمَانِ، لَمْ تَبْطُلْ؛ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ مِنْ الزَّمَانِ، أَشْبَهَ الْيَسِيرَ فِي الْقَدْرِ. وَقَالَ التَّمِيمِيُّ فِي " كِتَابِهِ ": إنْ بَدَتْ عَوْرَتُهُ وَقْتًا وَاسْتَتَرَتْ وَقْتًا، فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ؛ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ. وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْيَسِيرُ، وَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِهِ؛ لِأَنَّ الْكَثِيرَ يَفْحُشُ انْكِشَافُ الْعَوْرَةِ فِيهِ، وَيُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، فَلَمْ يُعْفَ عَنْهُ، كَالْكَثِيرِ مِنْ الْقَدْرِ.

[مَسْأَلَة كَانَ عَلَى عَاتِقِهِ شَيْءٌ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاة]
(807) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: إذَا كَانَ عَلَى عَاتِقِهِ شَيْءٌ مِنْ اللِّبَاسِ وَجُمْلَةُ ذَلِكَ، أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَضَعَ الْمُصَلِّي عَلَى عَاتِقِهِ شَيْئًا مِنْ اللِّبَاسِ، إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمُنْذِرِ. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُجْزِئُ مَنْ لَمْ يُخَمِّرْ مَنْكِبَيْهِ. وَقَالَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ: لَا يَجِبُ ذَلِكَ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِعَوْرَةٍ، فَأَشْبَهَا بَقِيَّةَ الْبَدَنِ. وَلَنَا، مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا يُصَلِّي الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ، وَغَيْرُهُمْ.
وَهَذَا نَهْيٌ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، وَيُقَدَّمُ عَلَى الْقِيَاسِ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد، عَنْ بُرَيْدَةَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُصَلِّيَ فِي لِحَافٍ لَا يَتَوَشَّحُ بِهِ وَأَنْ يُصَلِّيَ فِي سَرَاوِيلَ، لَيْسَ عَلَيْهِ رِدَاءٌ» . وَيُشْتَرَطُ ذَلِكَ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ تَرْكِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَلِأَنَّهَا سُتْرَةٌ وَاجِبَةٌ فِي الصَّلَاةِ، وَالْإِخْلَالُ بِهَا يُفْسِدُهَا، كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي، أَنَّهُ نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ، مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَأَخَذَهُ مِنْ رِوَايَةِ مُثَنَّى بْنِ جَامِعٍ، عَنْ أَحْمَدَ فِيمَنْ صَلَّى وَعَلَيْهِ سَرَاوِيلُ، وَثَوْبُهُ عَلَى إحْدَى عَاتِقَيْهِ، وَالْأُخْرَى مَكْشُوفَةٌ: يُكْرَهُ. قِيلَ لَهُ: يُؤْمَرُ أَنْ يُعِيدَ؟ فَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ إعَادَةً. وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يَرَ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 415
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست