responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 380
وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ إذَا قَضَى سَجْدَتَهُ الثَّانِيَةَ نَهَضَ لَلْقِيَامَ مُكَبِّرًا، وَالْقِيَامُ رُكْنٌ، وَالتَّكْبِيرُ وَاجِبٌ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ: هَلْ يَجْلِسُ لِلِاسْتِرَاحَةِ؟ فَرُوِيَ عَنْهُ: لَا يَجْلِسُ.
وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: أَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ عَلَى هَذَا. وَذُكِرَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ.
وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ: أَدْرَكْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُ ذَلِكَ. أَيْ لَا يَجْلِسُ.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: تِلْكَ السُّنَّةُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ يَجْلِسُ. اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ. وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ. قَالَ الْخَلَّالُ: رَجَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إلَى هَذَا.
يَعْنِي تَرَكَ قَوْلَهُ بِتَرْكِ الْجُلُوسِ؛ لِمَا رَوَى مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَجْلِسُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَنْهَضَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَذَكَرَهُ أَيْضًا أَبُو حُمَيْدٍ فِي صِفَةِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، فَيَتَعَيَّنُ الْعَمَلُ بِهِ، وَالْمَصِيرُ إلَيْهِ. وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْمُصَلِّي ضَعِيفًا جَلَسَ لِلِاسْتِرَاحَةِ؛ لِحَاجَتِهِ إلَى الْجُلُوسِ، وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا لَمْ يَجْلِسْ؛ لِغِنَاهُ عَنْهُ، وَحُمِلَ جُلُوسُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، عِنْدَ كِبَرِهِ وَضَعْفِهِ، وَهَذَا فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْأَخْبَارِ، وَتَوَسُّطٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ.
فَإِذَا قُلْنَا: يَجْلِسُ؛ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَجْلِسُ مُفْتَرِشًا عَلَى صِفَةِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِقَوْلِ أَبِي حُمَيْدٍ فِي صِفَةِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ، وَقَعَدَ، وَاعْتَدَلَ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عُضْوٍ فِي مَوْضِعِهِ، ثُمَّ نَهَضَ» . وَهَذَا صَرِيحٌ فِي كَيْفِيَّةِ جَلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، فَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ. وَقَالَ الْخَلَّالُ: رَوَى عَنْ أَحْمَدَ مَنْ لَا أُحْصِيهِ كَثْرَةً، أَنَّهُ يَجْلِسُ عَلَى أَلْيَتَيْهِ. قَالَ الْقَاضِي: يَجْلِسُ عَلَى قَدَمَيْهِ وَأَلْيَتَيْهِ، مُفْضِيًا بِهِمَا إلَى الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَلَسَ مُفْتَرِشًا لَمْ يَأْمَنْ السَّهْوَ، فَيَشُكَّ هَلْ جَلَسَ عَنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ؟ وَبِهَذَا يَأْمَنُ ذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْآمِدِيُّ: لَا يَخْتَلِفُ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ لَا يُلْصِقُ أَلْيَتَيْهِ بِالْأَرْضِ فِي جَلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، بَلْ يَجْلِسُ مُعَلَّقًا عَنْ الْأَرْضِ. وَعَلَى كِلْتَيْ الرِّوَايَتَيْنِ يَنْهَضُ إلَى الْقِيَامِ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ مُعْتَمِدًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَلَا يَعْتَمِدُ عَلَى يَدَيْهِ. قَالَ الْقَاضِي: لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُهُ، أَنَّهُ لَا يَعْتَمِدُ عَلَى الْأَرْضِ، سَوَاءٌ قُلْنَا: يَجْلِسُ لِلِاسْتِرَاحَةِ أَوْ لَا يَجْلِسُ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: السُّنَّةُ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى يَدَيْهِ فِي النُّهُوضِ؛ لِأَنَّ مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ قَالَ فِي صِفَةِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «، إنَّهُ لَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ اسْتَوَى قَاعِدًا، ثُمَّ اعْتَمَدَ عَلَى الْأَرْضِ» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ.
وَلِأَنَّ ذَلِكَ أَعْوَنُ لِلْمُصَلِّي. وَلَنَا مَا رَوَى وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ، قَالَ: «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا سَجَدَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 380
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست