responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 317
مَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ فِي الْمَاشِي: يُصَلِّي، إلَّا عَطَاءً، وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُصَلِّيَ الْمَاشِي. وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَاشِيًا. نَقَلَهَا مُثَنَّى بْنُ جَامِعٍ، وَذَكَرَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ.
وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ يَنْحَرِفَ إلَى جِهَةِ سَيْرِهِ، وَيَقْرَأَ وَهُوَ مَاشٍ، وَيَرْكَعَ ثُمَّ يَسْجُدَ عَلَى الْأَرْضِ. وَهَذَا مَذْهَبُ عَطَاءٍ، وَالشَّافِعِيِّ. وَقَالَ الْآمِدِيُّ: يُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، كَالرَّاكِبِ؛ لِأَنَّهَا حَالَةٌ أُبِيحَ فِيهَا تَرْكُ الِاسْتِقْبَالِ، فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ كَالرَّاكِبِ. وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي: الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ مُمْكِنٌ مِنْ غَيْرِ انْقِطَاعِهِ عَنْ جِهَةِ سَيْرِهِ، فَلَزِمَهُ، كَالْوَقْفِ. وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ الصَّلَاةَ أُبِيحَتْ لِلرَّاكِبِ، لِئَلَّا يَنْقَطِعَ عَنْ الْقَافِلَةِ فِي السَّفَرِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الْمَاشِي، وَلِأَنَّهُ إحْدَى حَالَتَيْ سَيْرِ الْمُسَافِرِ، فَأُبِيحَتْ الصَّلَاةُ فِيهَا كَالْأُخْرَى.
وَلَنَا، أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْقُولِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى عَمَلٍ كَثِيرٍ، وَمَشْيٍ مُتَتَابِعٍ، يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، وَيَقْتَضِي بُطْلَانَهَا، وَهَذَا غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الرَّاكِبِ، فَلَمْ يَصِحَّ إلْحَاقُهُ بِهِ، وَلِأَنَّ قَوْله تَعَالَى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144] . عَامٌّ تُرِكَ فِي مَوْضِعِ الْإِجْمَاعِ، بِشُرُوطٍ مَوْجُودَةٍ هَاهُنَا، فَيَبْقَى وُجُوبُ الِاسْتِقْبَالِ فِيمَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَى الْعُمُومِ.

[فَصْلٌ إذَا دَخَلَ الْمُصَلِّي بَلَدًا نَاوِيًا لِلْإِقَامَةِ فِيهِ]
(611) فَصْلٌ: وَإِذَا دَخَلَ الْمُصَلِّي بَلَدًا نَاوِيًا لِلْإِقَامَةِ فِيهِ، لَمْ يُصَلِّ بَعْدَ دُخُولِهِ إلَيْهِ إلَّا صَلَاةَ الْمُقِيمِ. وَإِنْ دَخَلَهُ مُجْتَازًا بِهِ، غَيْرَ نَاوٍ لِلْإِقَامَةِ فِيهِ، وَلَا نَازِلٍ بِهِ، أَوْ نَازِلًا بِهِ، ثُمَّ يَرْتَحِلُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ إقَامَةِ مُدَّةٍ يَلْزَمُهُ بِهَا إتْمَامُ الصَّلَاةِ، اسْتَدَامَ الصَّلَاةَ مَا دَامَ سَائِرًا، فَإِذَا نَزَلَ فِيهِ صَلَّى إلَى الْقِبْلَةِ، وَبَنَى عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ، كَقَوْلِنَا فِي الْخَائِفِ إذَا أَمِنَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ. وَلَوْ ابْتَدَأَهَا، وَهُوَ نَازِلٌ إلَى الْقِبْلَةِ، ثُمَّ أَرَادَ الرُّكُوبَ، أَتَمَّ صَلَاتَهُ، ثُمَّ رَكِبَ. وَقِيلَ: يَرْكَبُ فِي الصَّلَاةِ وَيُتِمُّهَا إلَى جِهَةِ سَيْرِهِ، كَالْآمِنِ إذَا خَافَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ حَالَةَ الْخَوْفِ حَالَةُ ضَرُورَةٍ أُبِيحَ فِيهَا مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ، وَهَذِهِ رُخْصَةٌ وَرَدَ الشَّرْعُ بِهَا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ إلَيْهَا، فَلَا يُبَاحُ فِيهَا غَيْرُ مَا نُقِلَ فِيهَا، وَلَمْ يَرِدْ بِإِبَاحَةِ الرُّكُوبِ الَّذِي يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى عَمَلٍ وَتَوَجُّهٍ إلَى غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَلَا جِهَةِ سَيْرِهِ، فَيَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَة اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ]
(612) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَا يُصَلِّي فِي غَيْرِ هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ فَرْضًا وَلَا نَافِلَةً إلَّا مُتَوَجِّهًا إلَى الْكَعْبَةِ؛ فَإِنْ كَانَ يُعَايِنُهَا فَبِالصَّوَابِ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنْهَا فَبِالِاجْتِهَادِ بِالصَّوَابِ إلَى جِهَتِهَا) قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ، فَاسْتَوَى فِيهِ الْفَرْضُ وَالنَّفَلُ، كَالطَّهَارَةِ وَالسِّتَارَةِ، وَلِأَنَّ قَوْله تَعَالَى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144] عَامٌّ فِيهِمَا جَمِيعًا. ثُمَّ إنْ كَانَ مُعَايِنًا لِلْكَعْبَةِ، فَفَرْضُهُ الصَّلَاةُ إلَى عَيْنِهَا. لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.
قَالَ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 317
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست