responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 289
أَحَدٌ مِنْهُمْ بِقَضَاءٍ، وَلِأَنَّ فِي إيجَابِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ تَنْفِيرًا عَنْ الْإِسْلَامِ، فَعُفِيَ عَنْهُ. وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي خِطَابِهِ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ فِي حَالِ كُفْرِهِ، مَعَ إجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا بَعْدَ إسْلَامِهِ، وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِي هَذَا رِوَايَتَانِ. وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ، فَذَكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَاقِلَا عَنْ أَحْمَدَ، فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ، رِوَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ.
وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا تَرَكَ فِي حَالِ كُفْرِهِ، وَلَا فِي حَالِ إسْلَامِهِ قَبْلَ رِدَّتِهِ. وَلَوْ كَانَ قَدْ حَجَّ لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهُ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ قَدْ حَبِطَ بِكُفْرِهِ، بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] . فَصَارَ كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ. وَالثَّانِيَةُ: يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا تَرَكَ مِنْ الْعِبَادَاتِ فِي حَالِ رِدَّتِهِ، وَإِسْلَامِهِ قَبْلَ رِدَّتِهِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ إنَّمَا يَحْبَطُ بِالْإِشْرَاكِ مَعَ الْمَوْتِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} [البقرة: 217] . فَشَرَطَ الْأَمْرَيْنِ لِحُبُوطِ الْعَمَلِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ أَقَرَّ بِوُجُوبِ الْعِبَادَاتِ عَلَيْهِ، وَاعْتَقَدَ ذَلِكَ وَقَدَرَ عَلَى التَّسَبُّبِ إلَى أَدَائِهَا، فَلَزِمَهُ ذَلِكَ، كَالْمُحْدِثِ. وَلَوْ حَاضَتْ الْمَرْأَةُ الْمُرْتَدَّةُ لَمْ يَلْزَمْهَا قَضَاءُ الصَّلَاةِ فِي زَمَنِ حَيْضِهَا؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهَا فِي تِلْكَ الْحَالِ.
وَذَكَرَ الْقَاضِي رِوَايَةً ثَالِثَةً، أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِمَا تَرَكَ فِي حَالِ رِدَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَهُ فِي حَالٍ لَمْ يَكُنْ مُخَاطَبًا بِهَا لِكُفْرِهِ، وَعَلَيْهِ قَضَاءُ مَا تَرَكَ فِي إسْلَامِهِ قَبْلَ الرِّدَّةِ؛ وَلِأَنَّهُ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ، وَمُخَاطَبًا بِهِ قَبْلَ الرِّدَّةِ، فَبَقِيَ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ بِحَالِهِ. قَالَ: وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَامِدٍ، وَعَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُهُ اسْتِئْنَافُ الْحَجِّ إنْ كَانَ قَدْ حَجَّ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ بَرِئَتْ مِنْهُ بِفِعْلِهِ قَبْلَ الرِّدَّةِ، فَلَا يَشْتَغِلُ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، كَالصَّلَاةِ الَّتِي صَلَّاهَا فِي إسْلَامِهِ؛ وَلِأَنَّ الرِّدَّةِ لَوْ أَسْقَطَتْ حَجَّهُ وَأَبْطَلَتْهُ، لَأَبْطَلَتْ سَائِرَ عِبَادَاتِهِ الْمَفْعُولَةِ قَبْلَ رِدَّتِهِ.
(548) فَصْلٌ: فَأَمَّا الصَّبِيُّ الْعَاقِلُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَعَنْهُ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى مَنْ بَلَغَ عَشْرًا وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَعَلَى قَوْلِنَا إنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ، مَتَى صَلَّى فِي الْوَقْتِ، ثُمَّ بَلَغَ فِيهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا، وَفِي أَثْنَائِهَا، فَعَلَيْهِ إعَادَتُهَا. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُجْزِئُهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ إعَادَتُهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى وَظِيفَةَ الْوَقْتِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ إعَادَتُهَا، كَالْبَالِغِ. وَلَنَا، أَنَّهُ صَلَّى قَبْلَ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ، وَقَبْلَ سَبَبِ وُجُوبِهَا، فَلَمْ تَجْزِهِ عَمَّا وُجِدَ سَبَبُ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ صَلَّى قَبْلَ الْوَقْتِ،

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 289
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست