responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 24
نَجِسٌ، فَكَانَ جَمِيعُهُ نَجِسًا، كَمَا لَوْ تَقَارَبْت أَقْطَارُهُ؛ وَلِأَنَّ الْمُتَغَيِّرَ مَائِعٌ نَجِسٌ، فَيَنْجُسُ مَا يُلَاقِيهِ، ثُمَّ تَنَجَّسَ بِذَلِكَ مَا يُلَاقِيهِ إلَى آخِرِهِ.
فَإِنْ اضْطَرَبَ فَزَالَ التَّغَيُّرُ زَالَ التَّنْجِيسُ؛ لِزَوَالِ عِلَّتِهِ. وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ.» وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» .
وَغَيْرُ الْمُتَغَيِّرِ قَدْ بَلَغَ الْقُلَّتَيْنِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ، فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ الْأَحَادِيثِ؛ وَلِأَنَّهُ مَاءٌ كَثِيرٌ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِالنَّجَاسَةِ، فَكَانَ طَاهِرًا، كَمَا لَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْهُ شَيْءٌ؛ وَلِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي نَجَاسَةِ الْمَاءِ الْكَثِيرِ التَّغَيُّرِ فَقَطْ، فَيَخْتَصُّ التَّنْجِيسُ بِمَحَلِّ الْعِلَّةِ، كَمَا لَوْ تَغَيَّرَ بَعْضُهُ بِطَاهِرٍ، فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَى مَا إذَا كَانَ غَيْرُ الْمُتَغَيِّرِ نَاقِصًا عَنْ الْقُلَّتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَلِيلٌ يَنْجُسُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ لِلنَّجَاسَةِ، بِخِلَافِ الْكَثِيرِ.
وَأَمَّا تَبَاعُدُ الْأَقْطَارِ وَتَقَارُبُهَا فَلَا عِبْرَةَ بِهَا، إنَّمَا الْعِبْرَةُ بِكَوْنِ غَيْرِ الْمُتَغَيِّرِ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، فَلَا يَمْتَنِعُ الْحُكْمُ بِطَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُلَاصِقِ لِلنَّجَاسَةِ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ كَانَ فِيهِ كَلْبٌ أَوْ مَيْتَةٌ، فَإِنَّ الْمُلَاصِقَ لَهُ طَاهِرٌ، وَإِنْ مُنِعَتْ طَهَارَتُهُ فَالْمُلَاصِقُ لِلْمُلَاصِقِ طَاهِرٌ، وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَنَجَّسَ الْبَحْرُ إذَا تَغَيَّرَ جَانِبِهِ وَالْمَاءُ الْجَارِي وَكُلُّ مَا تَغَيَّرَ بَعْضُهُ وَلَا قَائِلَ بِهِ، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي الْمَصَانِعِ الَّتِي بِطَرِيقِ مَكَّةَ: لَا يُنَجِّسُ تِلْكَ شَيْءٌ.

[فَصْلٌ لَا فَرْقَ بَيْنَ يَسِيرِ النَّجَاسَةِ وَكَثِيرِهَا]
(25) فَصْلٌ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ يَسِيرِ النَّجَاسَةِ وَكَثِيرِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْيَسِيرُ مِمَّا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ أَوْ لَا يُدْرِكُهُ مِنْ جَمِيعِ النَّجَاسَاتِ، إلَّا أَنَّ مَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ فِي الثَّوْبِ، كَالدَّمِ وَنَحْوِهِ، حُكْمُ الْمَاءِ الْمُتَنَجِّسِ بِهِ حُكْمُهُ فِي الْعَفْوِ عَنْ يَسِيرِهِ، وَكُلُّ نَجَاسَةٍ يَنْجُسُ بِهَا الْمَاءُ يَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَهَا؛ لِأَنَّ نَجَاسَةَ الْمَاءِ نَاشِئَةٌ عَنْ نَجَاسَةِ الْوَاقِعِ، وَفَرَّعَ عَلَيْهَا، وَالْفَرْعُ يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ أَصْلِهِ.
وَقِيلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ: إنَّ مَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ مِنْ النَّجَاسَةِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ؛ لِلْمَشَقَّةِ اللَّاحِقَةِ بِهِ. وَنَصَّ فِي مَوْضِعٍ عَلَى أَنَّ الذُّبَابَ إذَا وَقَعَ عَلَى خَلَاءٍ رَقِيقٍ، أَوْ بَوْلٍ، ثُمَّ وَقَعَ عَلَى الثَّوْبِ، غُسِلَ مَوْضِعُهُ، وَنَجَاسَةُ الذُّبَابِ مِمَّا لَا يُدْرِكُهَا الطَّرَفُ؛ وَلِأَنَّ دَلِيلَ التَّنْجِيسِ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ يَسِيرِ النَّجَاسَةِ وَكَثِيرِهَا، وَلَا بَيْنَ مَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ وَمَا لَا يُدْرِكُهُ، فَالتَّفْرِيقُ تَحَكُّمٌ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْمَشَقَّةِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّنَا إنَّمَا نَحْكُمُ بِنَجَاسَةِ مَا عَلِمْنَا وُصُولَ النَّجَاسَةِ إلَيْهِ، وَمَعَ الْعِلْمِ لَا يَفْتَرِقَانِ فِي الْمَشَقَّةِ، ثُمَّ إنَّ الْمَشَقَّةَ حِكْمَةٌ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِهَا بِمُجَرَّدِهَا.
وَجَعْلُ مَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ ضَابِطًا لَهَا غَيْرُ صَحِيحٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُعْرَفُ بِتَوْقِيفٍ، أَوْ اعْتِبَارِ الشَّرْعِ لَهُ فِي مَوْضِعٍ، وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا.

[فَصْلٌ الْغَدِيرَانِ إذَا اتَّصَلَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ بِسَاقِيَةٍ بَيْنَهُمَا]
(26) فَصْلٌ: وَالْغَدِيرَانِ إذَا اتَّصَلَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ بِسَاقِيَةٍ بَيْنَهُمَا، فِيهَا مَاءٌ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ، فَهُمَا مَاءٌ وَاحِدٌ، حُكْمُهُمَا حُكْمُ الْغَدِيرِ الْوَاحِدِ، إنْ بَلَغَا جَمِيعًا قُلَّتَيْنِ لَمْ يَتَنَجَّسْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إلَّا بِالتَّغَيُّرِ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغَاهَا تَنَجَّسَ كُلُّ وَاحِدٍ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 24
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست