responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 194
وَلَنَا، مَا رَوَى الْحَارِثُ، عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: التَّيَمُّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ. وَابْنُ عُمَرَ قَالَ: تَيَمَّمْ لِكُلِّ صَلَاةٍ؛ وَلِأَنَّهَا طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ، فَتَقَيَّدَتْ بِالْوَقْتِ؛ كَطَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ، وَطَهَارَةُ الْمَاءِ لَيْسَتْ لِلضَّرُورَةِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا. وَالْحَدِيثُ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ يُشْبِهُ الْوُضُوءَ فِي إبَاحَةِ الصَّلَاةِ، وَيَلْزَمُهُ التَّسَاوِي فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ.
إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ إذَا نَوَى بِتَيَمُّمِهِ مَكْتُوبَةً، فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ مَا شَاءَ مِنْ الصَّلَوَاتِ، فَيُصَلِّي الْحَاضِرَةَ، وَيَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، وَيَقْضِي فَوَائِتَ، وَيَتَطَوَّعُ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَبَعْدَهَا. هَذَا قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: لَا يُصَلِّي بِهِ فَرْضَيْنِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ قَالَ: لَا يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ إلَّا صَلَاةً وَاحِدَةً، ثُمَّ يَتَيَمَّمُ لِلْأُخْرَى. وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمَا؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: مِنْ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُصَلِّيَ بِالتَّيَمُّمِ إلَّا صَلَاةً وَاحِدَةً، ثُمَّ يَتَيَمَّمُ لِلْأُخْرَى. وَهَذَا مُقْتَضَى سُنَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ وَلِأَنَّهَا طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ فَلَا يَجْمَعُ بِهَا بَيْنَ فَرِيضَتَيْنِ، كَمَا لَوْ كَانَا فِي وَقْتَيْنِ. وَلَنَا أَنَّهَا طَهَارَةٌ صَحِيحَةٌ، أَبَاحَتْ فَرْضًا، فَأَبَاحَتْ فَرْضَيْنِ، كَطَهَارَةِ الْمَاءِ؛ وَلِأَنَّهُ بَعْدَ الْفَرْضِ الْأَوَّلِ تَيَمُّمٌ صَحِيحٌ مُبِيحٌ لِلتَّطَوُّعِ، نَوَى بِهِ الْمَكْتُوبَةَ، فَكَانَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ فَرْضًا، كَحَالَةِ ابْتِدَائِهِ؛ وَلِأَنَّ الطَّهَارَةَ فِي الْأُصُولِ، إنَّمَا تَتَقَيَّدُ بِالْوَقْتِ دُونَ الْفِعْلِ، كَطَهَارَةِ الْمَاسِحِ عَلَى الْخُفِّ، وَهَذِهِ فِي النَّوَافِلِ، وَطَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ؛ وَلِأَنَّ كُلَّ تَيَمُّمٍ أَبَاحَ صَلَاةً أَبَاحَ مَا هُوَ مِنْ نَوْعِهَا، بِدَلِيلِ صَلَوَاتِ النَّوَافِلِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَيَرْوِيهِ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ لَا يُصَلِّيَ بِهِ صَلَاتَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ؛ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ صَلَوَاتٍ مِنْ التَّطَوُّعِ، وَيَجْمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ فَرْضٍ وَنَفْلٍ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ الْجَمْعُ بَيْنَ فَرْضَيْ وَقْتَيْنِ، لِبُطْلَانِ التَّيَمُّمِ، بِخُرُوجِ وَقْتِ الْأُولَى مِنْهَا. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ الْخِرَقِيِّ إنَّمَا ذَكَرَ قَضَاءَ الْفَوَائِتِ وَالتَّطَوُّعِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْجَمْعَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ، وَكَذَا ذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجُوزَ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ. وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي ثَوْرٍ.
وَالصَّحِيحُ جَوَازُ الْجَمْعِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَدِلَّةِ؛ وَلِأَنَّ مَا أَبَاحَ فَرْضَيْنِ فَائِتَيْنِ مَا أَبَاحَ فَرْضَيْنِ فِي الْجَمْعِ، كَسَائِرِ الطِّهَارَاتِ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَيس لِلْمُتَيَمِّمِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ بِحَالٍ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الثَّانِيَةَ تَفْتَقِرُ إلَى تَيَمُّمٍ، وَالتَّيَمُّمُ يَفْتَقِرُ إلَى طَلَبٍ، وَالطَّلَبُ يَقْطَعُ الْجَمْعَ، وَمِنْ شَرْطِهِ الْمُوَالَاةُ - يَعْنِي عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - وَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَقَيَّدَ بِالْجَمْعِ فِي وَقْتِ الْأُولَى، فَأَمَّا الْجَمْعُ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ، فَلَا تُشْتَرَطُ لَهُ الْمُوَالَاةُ فِي الصَّحِيحِ. فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ يُمْكِنُ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ، وَالتَّرْتِيبُ شَرْطٌ، فَيَجِبُ تَقْدِيمُ الْفَائِتَةِ عَلَى الْحَاضِرَةِ فَكَيْفَ تَتَأَخَّرُ الْفَائِتَةُ عَنْهَا؟ قُلْنَا: يُمْكِنُ ذَلِكَ لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا أَنْ يُقَدِّمَ الْفَائِتَةَ عَلَى الْحَاضِرَةِ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 194
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست