responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 190
فَاحِشًا، أَوْ أَلَمًا غَيْرَ مُحْتَمَلٍ. وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِلشَّافِعِيِّ. وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ)
وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ إذَا خَافَ ذَهَابَ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ، أَوْ ضَرَرًا فِي نَفْسِهِ؛ مِنْ لِصٍّ، أَوْ سَبُعٍ، أَوْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ إلَّا بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ كَثِيرَةٍ؛ فَلَأَنْ يَجُوزَ هَاهُنَا أَوْلَى؛ وَلِأَنَّ تَرْكَ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَتَأْخِيرَ الصِّيَامِ، لَا يَنْحَصِرُ فِي خَوْفِ التَّلَفِ، وَكَذَلِكَ تَرْكُ الِاسْتِقْبَالِ، فَكَذَا هَاهُنَا فَأَمَّا الْمَرِيضُ أَوْ الْجَرِيحُ الَّذِي لَا يَخَافُ الضَّرَرَ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، مِثْلُ مَنْ بِهِ الصُّدَاعُ وَالْحُمَّى الْحَارَّةُ، أَوْ أَمْكَنَهُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ الْحَارِّ، وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِ، لَزِمَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ إبَاحَةَ التَّيَمُّمِ لِنَفْيِ الضَّرَرِ، وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ هَاهُنَا.
وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ، وَدَاوُد إبَاحَةُ التَّيَمُّمِ لِلْمَرِيضِ مُطْلَقًا؛ لِظَاهِرِ الْآيَةِ. وَلَنَا أَنَّهُ وَاجِدٌ لِلْمَاءِ، لَا يَسْتَضِرُّ بِاسْتِعْمَالِهِ، فَلَمْ يَجُزْ لَهُ التَّيَمُّمُ، كَالصَّحِيحِ، وَالْآيَةُ اُشْتُرِطَ فِيهَا عَدَمُ الْمَاءِ، فَلَمْ يَتَنَاوَلْ مَحَلَّ النِّزَاعِ، عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ إضْمَارِ الضَّرُورَةِ، وَالضَّرُورَةُ إنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ الضَّرَر، وَمِنْهَا أَنَّ الْجَرِيحَ وَالْمَرِيضَ إذَا أَمْكَنَهُ غَسْلُ بَعْضِ جَسَدِهِ دُونَ بَعْضٍ، لَزِمَهُ غَسْلُ مَا أَمْكَنَهُ، وَتَيَمَّمَ لِلْبَاقِي. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ: إنْ كَانَ أَكْثَرُ بَدَنِهِ صَحِيحًا غَسَلَهُ، وَلَا تَيَمُّمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُهُ جَرِيحًا، تَيَمَّمَ وَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ لَا يَجِبُ، كَالصِّيَامِ وَالْإِطْعَامِ.
وَلَنَا مَا رَوَى جَابِرٌ قَالَ: «خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ، فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا شَجَّةٌ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ احْتَلَمَ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ: هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ قَالُوا: مَا نَجِدُ لَك رُخْصَةً، وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ، فَاغْتَسَلَ، فَمَاتَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُخْبِرَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: قَتَلُوهُ، قَتَلَهُمْ اللَّهُ أَلَا سَأَلُوا، إذْ لَمْ يَعْلَمُوا، فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ، إنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ، وَيَعْصِبَ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً، ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا، ثُمَّ يَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُهُ.
وَلِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ الْجَسَدِ يَجِبُ تَطْهِيرُهُ بِشَيْءٍ إذَا اسْتَوَى الْجِسْمُ كُلُّهُ فِي الْمَرَضِ أَوْ الصِّحَّةِ. فَيَجِبُ ذَلِكَ فِيهِ وَإِنْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ، كَمَا لَوْ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَكْثَرِ، فَإِنَّ حُكْمَهُ لَا يَسْقُطُ بِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ، وَمَا ذَكَرُوهُ مُنْتَقِضٌ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ مَعَ غَسْلِ بَقِيَّةِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، وَيُفَارِقُ مَا قَاسُوا عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ جَمْعٌ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، بِخِلَافِ هَذَا، فَإِنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ عَمَّا لَا يُصِيبُهُ الْمَاءُ، دُونَ مَا أَصَابَهُ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 190
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست