responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 152
هُوَ قَوْلُ سَوْءٍ. وَاحْتَجَّ بِفِعْلِ عَائِشَةَ وَرِوَايَتِهَا لِلْحَدِيثِ الْعَامِّ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ؛ وَلِأَنَّهَا أَجَابَتْ بِفِعْلِهَا وَفِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهَا: فَعَلْته أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاغْتَسَلْنَا.
فَكَيْفَ تَكُونُ خَارِجَةً مِنْهُ، وَلَيْسَ مَعْنَى وُجُوبِ الْغُسْلِ فِي الصَّغِيرِ التَّأْثِيمُ بِتَرْكِهِ، بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَالطَّوَافِ، وَإِبَاحَةِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَاللُّبْثِ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِنَّمَا يَأْثَمُ الْبَالِغُ بِتَأْخِيرِهِ فِي مَوْضِعٍ يَتَأَخَّرُ الْوَاجِبُ بِتَرْكِهِ، وَلِذَلِكَ لَوْ أَخَّرَهُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، لَمْ يَأْثَمْ، وَالصَّبِيُّ لَا صَلَاةَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَأْثَمْ بِالتَّأْخِيرِ، وَبَقِيَ فِي حَقِّهِ شَرْطًا، كَمَا فِي حَقِّ الْكَبِيرِ، وَإِذَا بَلَغَ كَانَ حُكْمُ الْحَدَثِ فِي حَقِّهِ بَاقِيًا، كَالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ، يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ فِي حَقِّ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةُ الْغُسْلِ لِلْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ]
(291) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ، سَوَاءٌ كَانَ أَصْلِيًّا، أَوْ مُرْتَدًّا، اغْتَسَلَ قَبْلَ إسْلَامِهِ أَوْ لَمْ يَغْتَسِلْ، وُجِدَ مِنْهُ فِي زَمَنِ كُفْرِهِ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ أَوْ لَمْ يُوجَدْ. وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ وُجِدَتْ مِنْهُ جَنَابَةٌ زَمَنَ كُفْرِهِ، فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ إذَا أَسْلَمَ سَوَاءٌ كَانَ قَدْ اغْتَسَلَ فِي زَمَنِ كُفْرِهِ أَوْ لَمْ يَغْتَسِلْ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
وَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ الْغُسْلَ بِحَالٍ؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ الْكَثِيرَ وَالْجَمَّ الْغَفِيرَ أَسْلَمُوا، فَلَوْ أُمِرَ كُلُّ مَنْ أَسْلَمَ بِالْغُسْلِ، لَنُقِلَ نَقْلًا مُتَوَاتِرًا أَوْ ظَاهِرًا؛ وَلِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إلَى الْيَمَنِ قَالَ: اُدْعُهُمْ إلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوك لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» . وَلَوْ كَانَ الْغُسْلُ وَاجِبًا لَأَمَرَهُمْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ وَاجِبَاتِ الْإِسْلَامِ.
وَلَنَا: مَا رَوَى «قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ: أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُرِيدُ الْإِسْلَامَ فَأَمَرَنِي أَنْ أَغْتَسِلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ وَأَمْرُهُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ قِلَّةِ النَّقْلِ، فَلَا يَصِحُّ مِمَّنْ أَوْجَبَ الْغُسْلَ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْجَنَابَةِ فِي شِرْكِهِ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْبَالِغَ لَا يَسْلَمُ مِنْهَا، ثُمَّ إنَّ الْخَبَرَ إذَا صَحَّ كَانَ حُجَّةً مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ شَرْطٍ آخَرَ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، وَأُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ، حِينَ أَرَادَا الْإِسْلَامَ، سَأَلَا مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ وَأَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ: كَيْفَ تَصْنَعُونَ إذَا دَخَلْتُمْ فِي هَذَا الْأَمْرِ؟ قَالَا: نَغْتَسِلُ، وَنَشْهَدُ شَهَادَةَ الْحَقِّ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُسْتَفِيضًا؛ وَلِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَسْلَمُ غَالِبًا مِنْ جَنَابَةٍ تَلْحَقُهُ، وَنَجَاسَةٍ تُصِيبُهُ، وَهُوَ لَا يَغْتَسِلُ، وَلَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ إذَا اغْتَسَلَ، فَأُقِيمَتْ مَظِنَّةُ ذَلِكَ مَقَامَ حَقِيقَتِهِ، كَمَا أُقِيمَ النَّوْمُ مَقَامَ الْحَدَثِ، وَالْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ مَقَامَ الْإِنْزَالِ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 152
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست