responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 130
يُرْجَعُ إلَيْهِ، وَهُوَ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ. وَقِيلَ: حَدُّ الْكَثِيرِ مَا يَتَغَيَّرُ بِهِ النَّائِمُ عَنْ هَيْئَتِهِ، مِثْلُ أَنْ يَسْقُطَ عَلَى الْأَرْضِ، وَمِنْهَا أَنْ يَرَى حُلْمًا. وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا حَدَّ لَهُ لِأَنَّ التَّحْدِيدَ إنَّمَا يُعْلَمُ بِتَوْقِيفٍ، وَلَا تَوْقِيفَ فِي هَذَا، فَمَتَى وَجَدْنَا مَا يَدُلُّ عَلَى الْكَثْرَةِ، مِثْلُ سُقُوطِ الْمُتَمَكِّنِ وَغَيْرِهِ، انْتَقَضَ وُضُوءُهُ.
وَإِنْ شَكَّ فِي كَثْرَتِهِ لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ مُتَيَقِّنَةٌ، فَلَا تَزُولُ بِالشَّكِّ.
(244) فَصْلٌ: وَمَنْ لَمْ يُغْلَبْ عَلَى عَقْلِهِ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّوْمَ الْغَلَبَةُ عَلَى الْعَقْلِ، قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي قَوْله تَعَالَى: {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} [البقرة: 255] السِّنَةُ: ابْتِدَاءُ النُّعَاسِ فِي الرَّأْسِ، فَإِذَا وَصَلَ إلَى الْقَلْبِ صَارَ نَوْمًا قَالَ الشَّاعِرُ:
وَسْنَانُ أَقْصَدَهُ النُّعَاسُ فَرَنَّقَتْ ... فِي عَيْنِهِ سِنَةٌ وَلَيْسَ بِنَائِمِ
وَلِأَنَّ النَّاقِضَ زَوَالُ الْعَقْلِ، وَمَتَى كَانَ الْعَقْلُ ثَابِتًا وَحِسُّهُ غَيْرَ زَائِلٍ مِثْلُ مَنْ يَسْمَعُ مَا يُقَالُ عِنْدَهُ وَيَفْهَمُهُ، فَلَمْ يُوجَدْ سَبَبُ النَّقْضِ فِي حَقِّهِ. وَإِنْ شَكَّ هَلْ نَامَ أَمْ لَا، أَوْ خَطِرَ بِبَالِهِ شَيْءٌ لَا يَدْرِي أَرُؤْيَا أَوْ حَدِيثُ نَفْسٍ، فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ.

[مَسْأَلَة الِارْتِدَادُ عَنْ الْإِسْلَامِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ]
(245) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَالِارْتِدَادُ عَنْ الْإِسْلَامِ. وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الرِّدَّةَ تَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَتُبْطِلُ التَّيَمُّمَ. وَهَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ. وَهِيَ الْإِتْيَانُ بِمَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ الْإِسْلَامِ؛ إمَّا نُطْقًا، أَوْ اعْتِقَادًا، أَوْ شَكًّا يَنْقُلُ عَنْ الْإِسْلَامِ، فَمَتَى عَاوَدَ إسْلَامَهُ وَرَجَعَ إلَى دِينِ الْحَقِّ، فَلَيْسَ لَهُ الصَّلَاةُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ، وَإِنْ كَانَ مُتَوَضِّئًا قَبْلَ رِدَّتِهِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَبْطُلُ الْوُضُوءُ بِذَلِكَ، وَلِلشَّافِعِيِّ فِي بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ بِهِ قَوْلَانِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} [البقرة: 217] فَشَرَطَ الْمَوْتَ؛ وَلِأَنَّهَا طَهَارَةٌ فَلَا تَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ، كَالْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ.
وَلَنَا: قَوْله تَعَالَى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] وَالطَّهَارَةُ عَمَلٌ، وَهِيَ بَاقِيَةٌ حُكْمًا تَبْطُلُ بِمُبْطِلَاتِهَا فَيَجِبُ أَنْ تَحْبَطَ بِالشِّرْكِ؛ وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ يُفْسِدُهَا الْحَدَثُ فَأَفْسَدَهَا الشِّرْكُ، كَالصَّلَاةِ وَالتَّيَمُّمِ؛ وَلِأَنَّ الرِّدَّةَ حَدَثٌ، بِدَلِيلِ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْحَدَثُ حَدَثَانِ؛ حَدَثُ اللِّسَانِ، وَحَدَثُ الْفَرْجِ، وَأَشَدُّهُمَا حَدَثُ اللِّسَانِ.
وَإِذَا أَحْدَثَ لَمْ تُقْبَلْ صَلَاتُهُ بِغَيْرِ وُضُوءٍ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَمَا ذَكَرُوهُ تَمَسُّكٌ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ، وَالْمَنْطُوقُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّهُ شَرَطَ الْمَوْتَ لِجَمِيعِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ، وَهُوَ حُبُوطُ الْعَمَلِ وَالْخُلُودُ فِي النَّارِ، وَأَمَّا غُسْلُ الْجَنَابَةِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْإِبْطَالُ، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِسَبَبٍ جَدِيدٍ يُوجِبُهُ، وَهُنَا يَجِبُ الْغُسْلُ أَيْضًا عِنْدَ مَنْ أَوْجَبَ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ الْغُسْلَ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 1  صفحه : 130
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست