نام کتاب : الكافي في فقه الإمام أحمد نویسنده : ابن قدامة المقدسي جلد : 4 صفحه : 172
والثالثة: يجوز الزيادة، ولا يجوز النقصان؛ لأن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - زاد على ما فرض رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم ينقص. فإذا قلنا: لا تجوز الزيادة، فمتى بذلوا القدر الواجب، لزم قبوله، وحرم قتالهم، لقول الله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: 29] . فمد قتالهم إلى إعطائها، أي: بذلها. وإن قلنا له الزيادة، فله أن يزيد بقدر ما يراه. ولا يحرم قتالهم، إلا أن يبذلوا ما طلب منهم.
فصل:
ويؤخذ من نصارى بني تغلب، مكان الجزية الزكاة، مثلي ما يؤخذ من المسلمين، من جميع أموالهم الزكاتية، لما روى: أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - دعاهم إلى بذل الجزية، فأبوا، وأنفوا، وقالوا: نحن عرب، خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض باسم الصدقة، فقال عمر: لا آخذ من مشرك صدقة، فلحق بعضهم بالروم، فقال النعمان بن زرعة: يا أمير المؤمنين، إن القوم لهم بأس وشدة، وهم عرب يأنفون من الجزية، فلا تعن عليك عدوك بهم، خذ منهم الجزية باسم الصدقة، فبعث عمر في طلبهم، فردهم وضعف عليهم من كل خمس من الإبل شاتين، ومن كل ثلاثين بقرة تبيعين، ومن كل عشرين دينارا دينارا، ومن كل مائتي درهم عشرة دراهم، ومما سقت السماء الخمس، وفيما سقي بنضح، أو غرب، أو دولاب، العشر. فاستقر ذلك من قول عمر، ولم يخالفه غيره من الصحابة فكان إجماعا.
قال أصحابنا: حكم المأخوذ منهم حكم الزكاة، في أنه يؤخذ من مال كل من تؤخذ منه الزكاة لو كان مسلما. فعلى هذا يؤخذ من نسائهم وصبيانهم ومجانينهم، وزمناهم، ومكافيفهم، وشيوخهم؛ لأنهم سألوا عمر أن يأخذ منهم ما يأخذ بعضكم من بعض، فأجابهم؛ ولأنهم صينوا عن السبي بهذا الصلح، فجاز أن يدخلوا في الواجب به، كالرجال. ولا يؤخذ من مال لم يبلغ نصابا، ولا من مال غير زكاتي كذلك. ومن كان المأخوذ منه أقل من دينار، أجزأ عنه. ومن ليس له نصاب زكاتي، فلا شيء عليه؛ لأن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صالحهم على هذا. واختلف أصحابنا في مصرفه، فقال القاضي: مصرفه مصرف الفيء؛ لأنه جزية باسم الزكاة. ومعنى الشيء أخص به من اسمه؛ ولأنه مال مشرك أخذ بغير قتال، فكان فيئا كالجزية.
وقال أبو الخطاب: مصرفه مصرف الصدقة؛ لأنه سلك به مسلكها في قدر المأخوذ، والمأخوذ منه: فكذلك في المصرف. فإن بذل تغلبي الجزية، مكان المفروض عليهم، وكان حربيا، قبل منه؛ لأنه كتابي لم يصالح على غير الجزية، فحقن دمه بها كغيره. وإن كان ممن عقد الذمة، لم يقبل منه؛ لأن الصلح وقع على غير ذلك، فلم يجز تغييره.
نام کتاب : الكافي في فقه الإمام أحمد نویسنده : ابن قدامة المقدسي جلد : 4 صفحه : 172