responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج نویسنده : الخطيب الشربيني    جلد : 5  صفحه : 211
الْفِعْلُ الْمُزْهِقُ ثَلَاثَةٌ: عَمْدٌ، وَخَطَأٌ، وَشِبْهُ عَمْدٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQ «فَقَدْ سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ، قِيلَ، ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَقَتْلُ مُؤْمِنٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَتَصِحُّ تَوْبَةُ الْقَاتِلِ عَمْدًا؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ تَصِحُّ تَوْبَتُهُ، فَهَذَا أَوْلَى، وَلَا يَتَحَتَّمُ عَذَابُهُ، بَلْ هُوَ فِي خَطَرِ الْمَشِيئَةِ، وَلَا يَخْلُدُ عَذَابُهُ إنْ عُذِّبَ، وَإِنْ أَصَرَّ عَلَى تَرْكِ التَّوْبَةِ كَسَائِرِ ذَوِي الْكَبَائِرِ غَيْرِ الْكُفْرِ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء: 93] فَالْمُرَادُ بِالْخُلُودِ الْمُكْثُ الطَّوِيلُ، فَإِنَّ الدَّلَائِلَ مُتَظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّ عُصَاةَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَدُومُ عَذَابُهُمْ أَوْ مَخْصُوصٌ بِالْمُسْتَحِلِّ لِقَتْلِهِ كَمَا ذَكَرَهُ عِكْرِمَةُ وَغَيْرُهُ، وَإِذَا اقْتَصَّ مِنْهُ الْوَارِثُ أَوْ عَفَا عَلَى مَالٍ أَوْ مَجَّانًا فَظَوَاهِرُ الشَّرْعِ تَقْتَضِي سُقُوطَ الْمُطَالَبَةِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، لَكِنَّ ظَاهِرَ تَعْبِيرِ الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ الْعُقُوبَةِ، فَإِنَّهُمَا قَالَا: وَيَتَعَلَّقُ بِالْقَتْلِ الْمُحَرَّمِ وَرَاءَ الْعُقُوبَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ مُؤَاخَذَاتٍ فِي الدُّنْيَا، وَجَمَعَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ بِأَنَّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ وَأَصْلَهَا مَفْرُوضٌ فِيمَنْ مَاتَ مُصِرًّا عَلَى الْقَتْلِ، وَكَلَامَ الْفَتَاوَى وَشَرْحِ مُسْلِمٍ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ تَابَ ثُمَّ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَلَوْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَيَتَعَلَّقُ بِالْقَتْلِ الْمُحَرَّمِ وَرَاءَ اسْتِحْقَاقِ الْعُقُوبَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ بَدَلَ قَوْلِهِ وَرَاءَ الْعُقُوبَةِ لَكَانَ أَوْلَى، لِأَنَّ الْعُقُوبَةَ غَيْرُ مَجْزُومٍ بِهَا لِجَوَازِ الْعَفْوِ وَمَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الْمَقْتُولَ لَا يَمُوتُ إلَّا بِأَجَلِهِ وَالْقَتْلُ لَا يَقْطَعُ الْأَجَلَ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا الْقَتْلُ يَقْطَعُهُ.

ثُمَّ شَرَعَ الْمُصَنِّفُ فِي تَقْسِيمِ الْقَتْلِ إلَى عَمْدٍ وَغَيْرِهِ، فَقَالَ (الْفِعْلُ) الصَّادِرُ مِنْ شَخْصٍ مُبَاشَرَةً أَوْ سَبَبًا جُرْحًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (الْمُزْهِقُ) بِكَسْرِ الْهَاءِ: أَيْ الْقَاتِلُ لِلنَّفْسِ أَقْسَامُهُ (ثَلَاثَةٌ: عَمْدٌ وَخَطَأٌ وَشِبْهُ عَمْدٍ) وَجْهُ الْحَصْرِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْجَانِيَ إنْ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَهُوَ الْخَطَأُ وَإِنْ قَصَدَهَا، فَإِنْ كَانَ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَهُوَ الْعَمْدُ، وَإِلَّا فَشِبْهُ الْعَمْدِ. رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّهُ قَالَ: حَضَرْت مَجْلِسَ الْمُزَنِيِّ يَوْمًا فَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ الْعِرَاقِ عَنْ شِبْهِ الْعَمْدِ، فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ وَصَفَ الْقَتْلَ فِي كِتَابِهِ بِصِفَتَيْنِ عَمْدٍ وَخَطَإٍ، فَلِمَ قُلْتُمْ: إنَّهُ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ؟ فَاحْتَجَّ عَلَيْهِ الْمُزَنِيّ بِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَلَا إنَّ فِي قَتِيلِ عَمْدِ الْخَطَإِ قَتِيلِ السَّوْطِ أَوْ الْعَصَا مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ مُغَلَّظَةً مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا» . فَقَالَ الْمُنَاظِرُ: أَتَحْتَجُّ عَلَيَّ بِعَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ فَسَكَتَ الْمُزَنِيّ. فَقُلْت لِلْمُنَاظِرِ: قَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ غَيْرُهُ مِنْهُمْ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ. فَقَالَ لِلْمُزَنِيِّ: أَنْتَ تُنَاظِرُ أَمْ هَذَا؟ . فَقَالَ: إذَا جَاءَ الْحَدِيثُ فَهُوَ يُنَاظِرُ، لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي ثُمَّ أَتَكَلَّمُ.

نام کتاب : مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج نویسنده : الخطيب الشربيني    جلد : 5  صفحه : 211
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست