نام کتاب : المجموع شرح المهذب نویسنده : النووي، أبو زكريا جلد : 19 صفحه : 264
وقد اختلف في الجمع بين الاحاديث، فقال الخطابى وغيره كانت الهجرة فرضا في أول الاسلام على من أسلم لقلة المسليمن بالمدينة وحاجتهم إلى الاجتماع فلما فتح الله مكة دخل الناس في دين الله أفواجا، فسقط فرض الهجرة إلى المدينة وبقى فرض الجهاد والنية على من قام به أو نزل به عدو.
اه قال الحافظ وكانت الحكمة أيضا في وجوب الهجرة على من أسلم ليسلم من اذى من يؤذيه من الكفار، فإنهم كانوا يعذبون من أسلم منهم إلى أن يرجع عن دينه، وفيهم نزلت الآية (ان الذين توفاهم..) وهذه الهجرة باقية الحكم في حق من أسلم في دار الكفر وقدر على الخروج منها.
وقال الماوردى: إذا قدر على اظهار الدين في بلد من بلاد الكفر فقد صارت البلدة دار اسلام فالاقامة فيها أفضل من الرحلة عنها لما يترجى من دخول غيره في الاسلام، ولا يخفى ما في هذا الرأى من المصادمة لاحاديث الباب القاضية
بتحريم الاقامة في دار الكفر.
وقال البغوي في شرح السنة: يحتمل الجمع بطريق أخرى، فقوله لاهجرة بعد الفتح، أي من مكة إلى المدينة.
وقوله لا تنقطع، أي من دار الكفر في حق من أسلم إلى دار الاسلام، قال ويحتمل وجها آخر وهو أن قوله لاهجرة، أي إلى النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان بنية عدم الرجوع إلى الوطن المهاجر منه الا بإذن.
فقوله لا تنقطع، أي هجرة من هاجر على غير هذا من الاعراب ونحوهم، وقد أفصح ابن عمر بالمراد فيما أخرجه الاسماعيلي بلفظ: انقطعت الهجرة بعد الفتح إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار.
أي مادام في الدنيا دار كفر فالهجرة واجبة منها على من أسلم وخشى أن يفتن على دينه.
واطلق ابن التين أن الهجرة من مكة إلى المدينة كانت واجبة وأن من أقام بمكة بعد هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى المدينة بغير عذر كان كافرا.
قال الحافظ وهو اطلاق مردود، وقال ابن العربي الهجرة هي الخروج من دار الحرب إلى دار السلام وكانت فرضا في عهد النبي (ص) واستمرت بعده لمن خاف على نفسه والتى انقطعت أصلا هي القصد إلى حيث كان.
نام کتاب : المجموع شرح المهذب نویسنده : النووي، أبو زكريا جلد : 19 صفحه : 264