responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 9  صفحه : 342
فَلَا خِيَارَ فِي الْبَلَهِ، لِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ كَامِلٌ، وَكَذَلِكَ لَا خِيَارَ فِي الْحُمْقِ وَقِلَّةِ الضَّبْطِ لِكَمَالِ الِاسْتِمْتَاعِ مَعَهُمَا، وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ فِيمَا سِوَاهُ مِنْ تَدْبِيرِ الْمَنْزِلِ وَتَرْبِيَةِ الْوَلَدِ، وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لا تسترضعوا الحمقى فَإِنَّ صُحْبَتَهَا بَلَاءٌ وَوَلَدَهَا ضَيَاعٌ ".

فَصْلٌ
وَالثَّانِي مِنْ عُيُوبِهِمَا: الْجُذَامُ وَهُوَ: عَفَنٌ يَكُونُ فِي الأطراف والأنف يسري فيهما حتى يسقط فتبطل، وَرُبَّمَا سَرَى إِلَى النَّسْلِ وَتَعَدَّى إِلَى الْخَلِيطِ، وَالنَّفْسُ تَعَافُّهُ وَتَنْفُرُ مِنْهُ فَلَا يَسْمَحُ بِالْمُخَالَطَةِ ولا تحبب إِلَى الِاسْتِمْتَاعِ، وَقَدْ رَوَى سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فِرُّوا مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكُمْ مِنَ الْأَسَدِ " وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِيُبَايِعَهُ فَمَدَّ يَدًا جَذْمَاءَ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَبَضَ يَدَهُ وَلَمْ يُصَافِحْهُ وَقَالَ: اذْهَبْ فَقَدْ بايعناك، فَفِي الْجُذَامِ الْخِيَارُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، لِأَنَّ قَلِيلُهُ يَصِيرُ كَثِيرًا، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي الزَّوْجِ أَوِ الزَّوْجَةِ.
فَأَمَّا الزَّعَرُ فَهُوَ مِنْ مَبَادِئَ الْجُذَامِ، وَرُبَّمَا بَرِئَ وَلَمْ يَصِرْ جُذَامًا ويقع في الحاجبين فيناثر به الشعر، وفي الأنف فيتغير يه الْجِلْدُ وَلَا خِيَارَ فِيهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِجُذَامٍ عَادِيٍّ وَلَا النُّفُوسُ مِنْهُ نَافِرَةً، فَلَوِ اخْتَلَفَا فِيهِ فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ بِهَا جُذَامًا، وَقَالَتْ: بَلْ هُوَ زَعَرٌ وَقَفَ عَلَيْهِ عَدْلَانِ مِنْ عُلَمَاءِ الطِّبِّ فَإِنْ قَالَا: هُوَ جُذَامٌ ثَبَتَ فِيهِ الْخِيَارُ، وَإِنْ قَالَا: زَعَرٌ فَلَا خِيَارَ فِيهِ، وَإِنْ أُشْكِلَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا أَنَّهُ زَعَرٌ وَلَا خِيَارَ فِيهِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخِيَارِ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ مَا يُوجِبُهُ.
فَصْلٌ
وَالثَّالِثُ مِنْ عُيُوبِهِمَا: الْبَرَصُ: وَهُوَ حُدُوثُ بَيَاضٍ فِي الْجِلْدِ يَذْهَبُ مَعَهُ دَمُ الْجِلْدِ وَمَا تَحْتَهُ مِنَ اللَّحْمِ وَفِيهِ عَدْوَى إِلَى النَّسْلِ وَالْمُخَالِطِينَ، وَتَعَافَّهُ النُّفُوسُ، وَتَنْفِرُ مِنْهُ فَلَا يكمل معه الاستمتاع فلذلك رد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَجَدَ بِكَشْحِهَا بَيَاضًا، وَفِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ الْخِيَارُ، لِأَنَّ قَلِيلَهُ يَصِيرُ كَثِيرًا، وَسَوَاءٌ كان بالزوج أو الزوجة.
فأما البهق فتغير لَوْنَ الْجِلْدِ وَلَا يَذْهَبُ بِدَمِهِ وَيَزُولُ وَلَا تَنْفِرُ مِنْهُ النُّفُوسُ فَلَا خِيَارَ فِيهِ، فَلَوِ اخْتَلَفَا فَقَالَ الزَّوْجُ: هَذَا الْبَيَاضُ بَرَصٌ وَلِي الخيار، وقالت الزوجة: بَلْ هُوَ بَهَقٌ فَلَا خِيَارَ وَقَفَ عَلَيْهِ عَدْلَانِ مِنْ عُلَمَاءِ الطِّبِّ، وَعَمِلَ عَلَى قَوْلِهِمَا فيه فَإِنْ أُشَكِلَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا مَعَ يَمِينِهَا أَنَّهُ بَهَقٌ وَلَا خِيَارَ فِيهِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ جَعَلَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ عَدْوَى، وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ الطَّبَائِعِ، وَقَدْ كَذَّبَهُ الشَّرْعُ وَمَنَعَ مِنْهُ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لا عدوى ولا طيرة " فقيل له: أما ترى النكتة من الجرب في شفر البعير فتعدوا إِلَى سَائِرِهِ وَإِلَى غَيْرِهِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ " أَيْ إِذَا كَانَ الْأَوَّلُ بغير عدوى كان ما بعده، وفي غَيْرِهِ بِغَيْرِ عَدْوَى.

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 9  صفحه : 342
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست