responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 9  صفحه : 308
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا تَجِبُ قَوْلًا وَاحِدًا، لِأَنَّهُ لا مطالب بها غَيْرُ الْحَاكِمِ، وَلَيْسَتْ كَحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ الَّتِي لَهَا خصم يطلب.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: إِنَّهَا لَا تَجُبْ قَوْلًا وَاحِدًا، لأن حق الله تعالى في شركهم أعظم، وَقَدْ أَقَرُّوا عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ مَا سِوَاهُ مِنْ حُقُوقِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ، لِأَنَّهُمْ فِيهَا متشاجرون متظالمون ودار الإسلام تمنع مِنَ التَّظَالُمِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

فَصْلٌ
فَأَمَّا إِذَا كَانَ التَّحَاكُمُ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ وَمُعَاهَدٍ وَجَبَ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ قَوْلًا وَاحِدًا سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْلِمُ طَالِبًا أَوْ مَطْلُوبًا، لِأَنَّهُمَا يَتَجَاذَبَانِ إِلَى الْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْإِسْلَامِ أَغَلَبَ لِرِوَايَةِ عَائِذِ بْنِ عُمَرَ الْمُزَنِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى " وَلَوْ كَانَ التَّحَاكُمُ بَيْنَ ذِمِّيٍّ وَمُعَاهَدٍ كَانَ عَلَى قَوْلَيْنِ تَغْلِيبًا لِأَوْكَدِهِمَا حُرْمَةً كَمَا لَوْ كَانَتْ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَمُعَاهَدٍ حَكَمَ بَيْنَهُمَا قَوْلًا وَاحِدًا تَغْلِيبًا لِحُرْمَةِ الْإِسْلَامِ الَّتِي هِيَ أَوْكَدُ.
فَصْلٌ
ثُمَّ إِذَا حَكَمَ حَاكِمُنَا بَيْنَ ذِمِّيَيْنِ أَوْ مُعَاهَدَيْنِ لَمْ يَحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالتَّوْرَاةِ إِنْ كَانَا يَهُودِيَّيْنِ وَلَا بِالْإِنْجِيلِ إِنْ كَانَا نَصْرَانِيَّيْنِ، وَلَمْ يَحْكُمْ إِلَّا بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهَ وَلاَ تَتَبِعْ أهْوَائهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنِ بَعْضِ مَا أنْزَلَ اللهَ إِلَيْكَ) {المائدة: 49) . أي يفتنونك بتوارتهم وَإِنْجِيلِهِمْ عَمَّا أُنْزِلَ عَلَيْكَ مِنَ الْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ} (المائدة: 44) .
فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ لَا يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِكِتَابِهِمْ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاَة فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا) {المائدة: 44) . وَقَدْ أَحْضَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - التوراة حين رجم اليهوديين حتى رجمهما لما فِيهَا مِنَ الرَّجْمِ.
قِيلَ: أَمَّا الْآيَةُ فَتَضَمَّنَتْ صِفَةَ التَّوْرَاةِ عَلَى مَا كَانَتْ مِنَ الْهُدَى وَالنُّورِ، وَإِنَّهُ كَانَ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ وَكَذَا كان حالها ثم غيرت حِينَ بَدَّلَ أَهْلُهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً) {الأنعام: 91) . ومع تغيرهم لَهَا وَتَبْدِيلِهِمْ فِيهَا لَا يَتَمَيَّزُ الْحَقُّ مِنَ الْبَاطِلِ فَوَجَبَ الْعُدُولُ عَنْهَا، وَأَمَّا إِحْضَارُهُ التَّوْرَاةَ عند رجم اليهوديين، فلأنه حين حكم عليها بالرجم أخبر اليهود أن في التوراة فَأَنْكَرُوهُ فَأَمَرَ بِإِحْضَارِهَا لِتَكْذِيبِهِمْ، فَلَمَّا حَضَرَتْ تَرَكَ ابْنُ صُورِيَا وَهُوَ أَحَدُ أَحْبَارِهِمْ يَدَهُ عَلَى ذكر الرجم، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِرَفْعِ يَدِهِ فَإِذَا آيَةُ الرَّجْمِ تَلُوحُ فَكَانَ إِحْضَارُهَا رَدًّا لِإِنْكَارِهِمْ وَإِظْهَارًا لِتَكْذِيبِهِمْ، لَا لِأَنْ يَحْكُمَ بِهَا عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ قَدْ حَكَمَ بِالرَّجْمِ قبل حضورها - والله أعلم -.

مسألة
قال الشافعي: " فإن لم يكن حكمٌ مضى لم يزوجهم إلا بولي وشهودٍ مسلمين

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 9  صفحه : 308
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست