responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 9  صفحه : 202
وَقَالَ دَاوُدُ: يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَيَ الِاسْتِمْتَاعِ وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرُبَّمَا أضيف إلى عثمان بن عفان واستدلالاً بعموم قوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أيْمَانُكُمْ} وَلَمْ يُشْتَرَطْ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ تَحْرِيمُ الْجَمْعِ بَيْنَ أُخْتَيْنِ وَكَذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ ألاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أيْمَانُكُمْ) {النساء: 3) فأطلق ملك اليمين وكان عَلَى عُمُومِهِ ثُمَّ قَالَ؛ وَلِأَنَّ تَحْرِيمَ النِّكَاحِ نَوْعَانِ: تَحْرِيمُ عَدَدٍ، وَتَحْرِيمُ جَمْعٍ.
فَأَمَّا الْعَدَدُ فَهُوَ تَحْرِيمُ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ وَأَمَّا تَحْرِيمُ الجمع؛ فهو الجمع بين الأختين فلما لم يعتبر في ملك اليمين وتحريم العدد، جاز أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِأَيِّ عَدَدٍ شَاءَ مِنَ الْإِمَاءِ وَجَبَ أَنْ لَا يَعْتَبِرَ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ، وَيَجُوزُ أن يستمتع بأختين.
قال داود: ولأن الجمع بينهما في الاستمتاع غَيْرُ مُمْكِنٍ، لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ إِلَّا أَنْ يَطَأَ إِحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي النِّكَاحِ مُمْكِنٌ فَلِذَلِكَ حَلَّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِالْمِلْكِ لِتَعَذُّرِهِ، وَحَرُمَ فِي النِّكَاحِ لِإِمْكَانِهِ، وَهَذَا خَطَأٌ.
وَدَلِيلُنَا عُمُومُ قَوْله تَعَالَى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ تَحْرِيمِهَا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ؛ وَلِأَنَّ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ مُسْتَفِيضٌ في الصحابة كالإجماع.
روى مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ: أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَسَأَلَهُ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَقَالَ عُثْمَانُ: أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ، وَالتَّحْرِيمُ أَوْلَى فَخَرَجَ السَّائِلُ فَلَقِيَ رَجُلًا مِنَ الصَّحَابَةِ فسأله عن ذلك، فقال: لو كان من الأمر إلي شَيْءٌ ثُمَّ وَجَدْتُ رَجُلًا يَفْعَلُ هَذَا لَجَعَلْتُهُ نكالاً.
قال مَالِكٌ: قَالَ الزُّهْرِيُّ أُرَاهُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ.
وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةَ وَعَمَّارٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَظْهَرَ خِلَافٌ فَصَارَ إِجْمَاعًا، وَلِأَنَّ التَّحْرِيمَ ضَرْبَانِ: تَحْرِيمُ تَأْبِيدٍ كَتَحْرِيمِ أُمَّهَاتِ الْمَوْطُوءَةِ وَبَنَاتِهَا وَتَحْرِيمُ جَمْعٍ كَتَحْرِيمِ أَخَوَاتِ الْمَوْطُوءَةِ وَعَمَّاتِهَا، فَلَمَّا كَانَ تَحْرِيمُ التَّأْبِيدِ مُعْتَبَرًا فِي وَطْءِ الْإِمَاءِ كَالنِّكَاحِ وَجَبَ بِأَنْ يَكُونَ تَحْرِيمُ الْجَمْعِ مُعْتَبَرًا في وطئهن كَالنِّكَاحِ، وَلِأَنَّ ثُبُوتَ الْفِرَاشِ بِالْوَطْءِ أَقْوَى مِنْ ثبوته بالعقد؛ لأنه يثبت في فاسد الوطئ إِذَا كَانَ عَنْ شُبْهَةٍ كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِهِ وَلَا يَثْبُتُ فِي فَاسِدِ الْعَقْدِ وَإِنْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِهِ فَلَمَّا ثَبَتَ تَحْرِيمُ الْجَمْعِ فِي الْعَقْدِ كَانَ تَحْرِيمُهُ فِي الْوَطْءِ أَوْلَى؛ وَلِأَنَّ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ فِي النِّكَاحِ إِنَّمَا كَانَ ليدفع به تواصل ذوي الأرحام فَلَا يَتَقَاطَعُونَ؛ لِأَنَّ الضَّرَائِرَ مِنَ النِّسَاءِ مُتَقَاطِعَاتٌ وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الْأُخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ كَوُجُودِهِ فِيهِمَا بِعَقْدِ النِّكَاحِ فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَا في التحريم.

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 9  صفحه : 202
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست