responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 5  صفحه : 95
وَأَمَّا الِاسْتِنْبَاطُ فَهُوَ مَا وَرَدَ النَّصُّ بِإِطْلَاقِ حُكْمِهِ مِنْ غَيْرِ إِشَارَةٍ إِلَى عِلَّتِهِ وَوَكَّلَ الْعُلَمَاءَ إِلَى اجْتِهَادِهِمْ فِي اسْتِنْبَاطِ عِلَّتِهِ كَالسِّتَّةِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي نَصَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى ثُبُوتِ الرِّبَا فِيهَا. فَاجْتَهَدَ الْفُقَهَاءُ فِي اسْتِنْبَاطِ مَعْنَاهَا.
وَهَذَا النَّوْعُ إِنَّمَا يُمْكِنُ اسْتِنْبَاطُ عِلَّتِهِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ الْعِلَّةِ لِيُعْلَمَ بِهِ الْعِلَّةُ الصَّحِيحَةُ الَّتِي يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِهَا مِنَ الْعِلَّةِ الْفَاسِدَةِ الَّتِي لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِهَا.
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الشُّرُوطِ الدَّالَّةِ عَلَى صِحَّةِ الْعِلَّةِ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ أَرْبَعٌ: وُجُودُ الْحُكْمِ بِوُجُودِهَا، وَارْتِفَاعُهُ بِارْتِفَاعِهَا، وَسَلَامَتُهَا عَلَى الْأُصُولِ، وَعَدَمُ مَا يُعَارِضُهَا مِمَّا هُوَ أَوْلَى مِنْهَا فَجَعَلَ الطَّرْدَ وَالْعَكْسَ شَرْطَيْنِ مِنْ شُرُوطِ صِحَّتِهَا. وَقَالَ آخَرُونَ هِيَ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ: وُجُودُ الْحُكْمِ بِوُجُودِهَا، وَسَلَامَتُهَا عَلَى الْأُصُولِ وَعَدَمُ مَا يُعَارِضُهَا مِمَّا هُوَ أَوْلَى مِنْهَا. فَجَعَلَ هَذَا الْقَائِلُ الطَّرْدَ شَرْطًا وَلَمْ يَجْعَلِ الْعَكْسَ شَرْطًا. وَقَدِ اخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَعَمَ أَنَّ الْعِلَلَ الشَّرْعِيَّةَ لَا يَسْتَمِرُّ فِي جَمِيعِهَا الطَّرْدُ وَالْعَكْسُ، وَإِنَّمَا يَسْتَمِرُّ فِي الْعِلَلِ الْعَقْلِيَّاتِ.
وَقَالَ الْأَوَّلُونَ: بَلْ هَذَا الشَّرْطُ مُسْتَمِرٌّ فِي الشَّرْعِيَّاتِ أَيْضًا مَا لَمْ يُخْلِفْ تِلْكَ الْعِلَّةَ عِلَّةً أُخْرَى تُوجِبُ مِثْلَ حُكْمِهَا. وَهَذَا أَصَحُّ الْمَذْهَبَيْنِ عِنْدِي لِأَنَّ الْعِلَّةَ إِذَا كَانَتْ مُوجِبَةً بِحُكْمٍ وَاقْتَضَتْ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ بِوُجُودِهَا مَوْجُودًا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الحكم بعدمها وما لَيَقَعِ الْفَرْقُ بَيْنَ وُجُودِهَا وَعَدَمِهَا. واللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ:
فَأَمَّا فَسَادُ الْعِلَّةِ فَقَدْ يَكُونُ مِنْ أَحَدِ ثَمَانِيَةِ أَوْجُهٍ. بَعْضُهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَبَعْضُهَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ.
فَأَحَدُهَا: التَّعْلِيلُ بِالِاسْمِ وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ اسْمًا مُشْتَقًّا مِنْ فِعْلٍ كَعَاقِدٍ وَقَاتِلٍ وَوَارِثٍ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ اسْمَ لَقَبٍ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُعَلَّلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ، لِأَنَّ الْعَرَبَ سَمَّتْهُ خَمْرًا. فَهَذَا تَعْلِيلٌ فَاسِدٌ، لِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ لِتَسْمِيَةِ الْعَرَبِ مَعَ تقدمه على الشرع تأثيرا فِي تَحْرِيمِ الْخَمْرِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يُعَلَّلَ تَحْرِيمُهُ بِجِنْسِهِ وَيُعَبَّرَ عَنِ الْجِنْسِ بِاسْمِهِ فَيُعَلَّلُ تَحْرِيمُهُ بِكَوْنِهِ خَمْرًا فَهَذَا جَائِزٌ. لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ التَّعْلِيلُ بِالصِّفَةِ جَازَ التَّعْلِيلُ بِالْجِنْسِ فَيَجُوزُ أَنْ تَقُولَ فِي نَجَاسَةِ بَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، لِأَنَّهُ بَوْلٌ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ نَجِسًا قِيَاسًا عَلَى بَوْلِ الْآدَمِيِّ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: اخْتِلَافُ الْمَوْضُوعِ. وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْحُكْمَيْنِ مَبْنِيًّا عَلَى التَّخْفِيفِ، وَالْحُكْمُ الْآخَرُ مَبْنِيًّا عَلَى التَّغْلِيظِ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِعِلَّةٍ تُوجِبُ حُكْمًا آخَرَ. فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يَكُونُ اخْتِلَافُ مَوْضُوعِهِمَا مَانِعًا مِنْ صِحَّةِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَكُونُ هَذَا

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 5  صفحه : 95
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست