responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 5  صفحه : 92
فَلَمَّا جَازَ إِسْلَامُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنَ الصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ وَلَمْ يَجُزْ إِسْلَامُ الْفِضَّةِ فِي الذَّهَبِ دَلَّ عَلَى افْتِرَاقٍ لِلْحُكْمِ بَيْنَ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَبَيْنَ الصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ فِي عِلَّةِ الرِّبَا فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ الْوَزْنُ عِلَّةَ الرِّبَا.
وَهَذَانِ الدَّلِيلَانِ احْتَجَّ بِهِمَا الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي إِبْطَالِ الْوَزْنِ أَنْ يَكُونَ عِلَّةَ الرِّبَا.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْأُصُولَ مُقَرَّرَةٌ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ إِذَا عُلِّقَ عَلَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ اخْتَصَّ بِهِمَا وَلَمْ يُقَسْ غَيْرُهُمَا عَلَيْهِمَا. أَلَا تَرَى أَنَّ الزَّكَاةَ لَمَّا تَعَلَّقَتْ بِهِمَا لَمْ يَتَعَدَّ إِلَى غَيْرِهِمَا مِنْ صُفْرٍ أَوْ نُحَاسٍ أَوْ شَيْءٍ مِنَ الْمَوْزُونَاتِ وَلَمَّا حُرِّمَ الشُّرْبُ فِي أَوَانِي الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ اخْتُصَّ النَّهْيُ بِهِمَا دُونَ سَائِرِ الْأَوَانِي مِنْ غَيْرِهِمَا. كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الرِّبَا الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِمَا مُخْتَصًّا بِهِمَا وَأَنَّ الْعِلَّةَ فِيهِمَا غَيْرُ مُتَعَدِّيَةٍ إِلَى غَيْرِهِمَا.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي اسْتِنْبَاطِ عِلَّةٍ ثَبَتَ حُكْمُهَا بِالنَّصِّ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ فَهُوَ أَنْ يُقَالَ: لَيْسَ يَخْلُو هَذَا الْقَوْلُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ إِبْطَالًا لِغَيْرِ الْمُتَعَدِّيَةِ، أَوْ يَكُونَ عِلَّةً لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ، أَوْ يَكُونَ إِثْبَاتًا لَهَا عِلَّةً وَجَعْلَ غَيْرِهَا إِذَا تَعَدَّتْ أَوْلَى مِنْهَا. فَإِنْ كَانَ هَذَا إِبْطَالًا لِغَيْرِ الْمُتَعَدِّيَةِ أَنْ تَكُونَ علة خالفناكم لِأَنَّ غَيْرَ الْمُتَعَدِّيَةِ قَدْ تَكُونُ عِنْدَنَا عِلَّةً فَإِنْ دَعَوْا إِلَى الْكَلَامِ فِيهَا انْتَقَلْنَا عَنِ الْمَسْأَلَةِ، ثُمَّ نَقُولُ: الْعِلَلُ أَعْلَامٌ نَصَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِلْأَحْكَامِ فَرُبَّمَا أَرَادَ بِبَعْضِهَا التَّعَدِّيَ فَجَعَلَهَا عَلَمًا عَلَيْهِ وَرُبَّمَا أَرَادَ بِبَعْضِهَا الْوُقُوفَ عَلَى حُكْمِ النَّصِّ فَجَعَلَهَا عَلَمًا عَلَيْهِ. كَمَا أَنَّهُ جَعَلَ الْمُتَعَدِّيَةَ تَارَةً عَامَّةً وَتَارَةً خَاصَّةً. كَذَلِكَ جَعَلَهَا تَارَةً وَاقِفَةً وَتَارَةً مُتَعَدِّيَةً. فَإِنْ قِيلَ: فَالْوَاقِفَةُ غَيْرُ مُتَعَدِّيَةٍ فَيُجْعَلُ الْحُكْمُ مُعَلَّقًا بِالنَّصِّ دُونَ الْمَعْنَى كَأَعْدَادِ الرَّكَعَاتِ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مُتَعَدِّيَةَ الْمَعْنَى لَمْ يُسْتَنْبَطْ لَهَا مَعْنًى لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ.
فَالْجَوَابُ أَنَّ الْوَاقِفَةَ مُفِيدَةٌ وَالَّذِي يُسْتَفَادُ بِهَا أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا: الْعِلْمُ بِأَنَّ حُكْمَهَا مَقْصُورٌ عَلَيْهَا وَأَنَّهَا لَا تَتَعَدَّى إِلَى غَيْرِهَا وَهَذِهِ فَائِدَةٌ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ رُبَّمَا حَدَثَ مَا يُشَارِكُهُ فِي الْمَعْنَى فَيَتَعَدَّى حُكْمُهُ إِلَيْهِ. فَأَمَّا أَعْدَادُ الرَّكَعَاتِ فَغَيْرُ مَعْقُولِ الْمَعْنَى فَلِذَلِكَ لَمْ يُمْكِنِ اسْتِنْبَاطُ عِلَّةٍ مِنْهَا. فَهَذَا الْكَلَامُ عَلَيْهِمْ إِنْ أَبْطَلُوا الْعِلَّةَ الْوَاقِفَةَ.
وَإِنْ أَثْبَتُوهَا وَجَعَلُوا الْمُتَعَدِّيَةَ أَوْلَى مِنْهَا كَانَ هَذَا مُسَلَّمًا مَا لَمْ تَبْطُلِ الْمُتَعَدِّيَةُ بِنَقْضٍ أَوْ مُعَارَضَةٍ وَقَدْ أَبْطَلْنَا تَعْلِيلَهُمْ بِالْوَزْنِ مِنْ وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا الشَّافِعِيُّ وَلَوْلَاهُمَا لَكَانَ التَّعْلِيلُ بِالْوَزْنِ أَوْلَى.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ بِأَنَّ الِاسْمَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ عِلَّةً لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ. فَهُوَ أَنَّ هَذَا رُجُوعٌ إِلَى الْكَلَامِ فِي إِبْطَالِ الْعِلَّةِ الْوَاقِفَةِ وَقَدْ مَضَى عَلَى أَنَّ الِاسْمَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً لِأَنَّهُ مُسْتَفَادٌ قَبْلَ الِاسْتِنْبَاطِ لَا لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ التَّعَدِّي.

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 5  صفحه : 92
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست