responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 5  صفحه : 84
النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَكَرَ أَجْنَاسًا مَنَعَ مِنَ التَّفَاضُلِ فِيهَا ثُمَّ قَالَ: " فَإِذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ يدا بيدا ".
فَشَرَطَ فِي جَوَازِ التَّفَاضُلِ اخْتِلَافَ الْجِنْسِ فَثَبَتَ أَنَّ عِلَّةَ الرِّبَا الْجِنْسُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ شَيْءٌ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا أَبَدًا.
وَالدَّلِيلُ عَلَى فَسَادِ هَذَا الْقَوْلِ مَا رَوَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَهَّزَ جَيْشًا فَنَفِدَتْ إِبِلُهُ فَأَمَرَنِي أَنْ أَشْتَرِيَ بعيرا ببعيرين إلى إبل الصَّدَقَةِ " فَلَمَّا ابْتَاعَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ بَطَلَ أَنْ يَكُونَ الْجِنْسُ عِلَّةً لِوُجُودِ التَّفَاضُلِ فِيهِ وَأَذِنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهِ. وَقَدْ فَعَلَتِ الصَّحَابَةُ مِثْلَ فِعْلِهِ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ بَاعَ جَمَلًا لَهُ بِعِشْرِينَ جَمَلًا إِلَى أَجَلٍ.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ بَاعَ رَاحِلَةً لَهُ بِأَرْبَعَةِ رَوَاحِلَ إِلَى أَجَلٍ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمَا مُخَالِفٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا. فَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فَإِذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ. فَعَطَفَ عَلَى مَا قَدَّمَ ذِكْرَهُ مِنَ الْأَجْنَاسِ السِّتَّةِ الَّتِي أَثْبَتَ فِيهَا الرِّبَا بِالنَّصِّ فَجَوَّزَ فِيهَا التَّفَاضُلَ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ فَلَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ مَعَ اتِّفَاقِ الْجِنْسِ فِي غَيْرِ مَا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ.

فَصْلٌ:
وَأَمَّا الْمَذْهَبُ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ إِنَّ عِلَّةَ الرِّبَا الْمَنْفَعَةُ فِي الْجِنْسِ فَاحْتَجَّ لَهُ بِأَنَّ ثُبُوتَ الرِّبَا مَقْصُودٌ بِهِ تَحْرِيمُ التَّفَاضُلِ، وَفَضْلُ الْقِيمَةِ يَقَعُ ظَاهِرًا كَفَضْلِ الْقَدْرِ فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ الرِّبَا يَمْنَعُ مِنَ التَّفَاضُلِ فِي الْقَدْرِ وَجَبَ أَنْ يَمْنَعَ التَّفَاضُلَ فِي الْقِيمَةِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى فَسَادِ هَذَا الْقَوْلِ مَعَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنِ ابْتِيَاعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ وَفَضْلُ الْقِيمَةِ بَيْنَهُمَا كَفَضْلِ الْقَدْرِ، وَأَنَّ مَقْصُودَ الْبِيَاعَاتِ طَلَبُ النَّفْعِ وَالْتِمَاسُ الْفَضْلِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ مَا هُوَ مَقْصُودُ الْبِيَاعَاتِ عِلَّةً فِي تَحْرِيمِ الْبِيَاعَاتِ. وَلِأَنَّ تَحْرِيمَ تُفَاضِلِ الْقِيمَةِ فِي الْجِنْسِ مَعَ تَسَاوِي الْقَدْرِ يَقْتَضِي تَحْلِيلَ تَسَاوِي الْقِيمَةِ فِي الْجِنْسِ مَعَ تَفَاضُلِ الْقَدْرِ وَهَذَا مَحْظُورٌ بِالنَّصِّ وَفِي هَذَا انْفِصَالٌ عَمَّا تَعَلَّقَ بِهِ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ.
فَصْلٌ:
وَأَمَّا الْمَذْهَبُ الثَّالِثُ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جبير أن علة الربا تقارب المنافع في الْأَجْنَاسِ، فَاحْتَجَّ لَهُ بِأَنَّ الْجِنْسَيْنِ إِذَا تَقَارَبَا فِي الْمَنْفَعَةِ تَقَارَبَا فِي الْحُكْمِ وَالْمُتَقَارِبَانِ فِي الْحُكْمِ مُشْتَرِكَانِ فِيهِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى فَسَادِ هَذَا الْقَوْلِ وُرُودُ النَّصِّ بِجَوَازِ التَّفَاضُلِ فِي الْبُرِّ بِالشَّعِيرِ مَعَ تَقَارُبِ مَنَافِعِهِمَا وَمَا دَفَعَهُ النَّصُّ كان مطرحا.

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 5  صفحه : 84
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست