responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 5  صفحه : 266
وَقَالَ أبو حنيفة وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ إِنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ الْمَالَ وَإِنْ مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ وَلَا يَتَصَرَّفَ فِيمَا بِيَدِهِ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَاسْتَدَلَّ مَنْ ذَهَبَ إلى أن العبد يملك لقوله تَعَالَى: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنيهم اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 32] ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يُغْنِيهِمْ وَمَنْ لَا يَمْلِكُ لَا يُوصَفُ بِالْغِنَى، وَبِمَا رَوَى الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ " فَأَضَافَ الْمَالَ إِلَيْهِ بِلَامِ التَّمْلِيكِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ، وَبِمَا رُوِيَ " أَنَّ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ وَكَانَ عَبْدًا حَمَلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَبْلَ إِسْلَامِهِ طَبَقًا فِيهِ رُطَبٌ لِيَخْتَبِرَ حَالَ نُبُوَّتِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا هَذَا قَالَ صَدَقَةٌ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: إِنَّا لَا يَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ ثُمَّ جَاءَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِطَبَقٍ آخَرَ فَقَالَ مَا هَذَا فَقَالَ هَدِيَّةٌ فَقَبِلَهُ فَقَالَ: إِنَّا نَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَنُكَافِئُ عَلَيْهَا "، فَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ لَمَا اسْتَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَبُولَ هَدِيَّتِهِ وَلِأَنَّهُ آدَمِيٌّ فَجَازَ أَنْ يَمْلِكَ كَالْحُرِّ، وَلِأَنَّ الرِّقَّ لَا يَمْنَعُ مِنْ جَوَازِ الْمِلْكِ كَالْمُكَاتَبِ، وَلِأَنَّ كُلَّ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا مَلَكَ بَدَلَهُ فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ بُضْعَ زَوْجَتِهِ وَجَبَ أَنْ يَصِحَّ مِنْهُ مِلْكَ بَدَلِهِ وَهُوَ الْمَهْرُ وَلِأَنَّ كُلَّ مَنْ صَحَّ أَنْ يَمْلِكَ الْبُضْعَ نِكَاحًا صَحَّ أَنْ يَمْلِكَهُ شِرَاءً كَالْحُرِّ وَلِأَنَّ كُلَّ مَنْ مَلَكَ عَلَيْهِ الْمَالُ فِي ذِمَّتِهِ مَلَكَهُ فِي غَيْرِهِ كَالْمُكَاتَبِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَهُ فِي الْجَدِيدِ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ وَإِنْ مَلَكَ قَوْله تَعَالَى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل: 75] وَفِيهَا دَلِيلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ نَفَى عَنْهُ الْقُدْرَةَ فَكَانَتْ عَلَى عُمُومِهَا فِي الْمِلْكِ وَغَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ لَمَّا نَفَى عَنْهُ الْقُدْرَةَ وَقَدْ تَسَاوَى الْحُرُّ فِي الْبَطْشِ وَالْقُوَّةِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ مَا يُخَالِفُ الْحُرَّ فِيهِ مِنَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَلْكِ دُونَ غَيْرِهِ وَقَالَ تَعَالِيَ: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فيما رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ} [الروم: 28] . وَمَوْضِعُ الدَّلِيلِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ضَرَبَهَا مَثَلًا لِنَفْسِهِ فَقَالَ لَمَّا كَانَ عَبِيدُكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ لَا يُشَارِكُونَكُمْ فِي أَمْلَاكِكُمْ كَذَلِكَ أَنْتُمْ عَبِيدِي لَا تُشَارِكُونِي فِي مُلْكِي فَلَوْ قِيلَ إِنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ مِثْلَ سَيِّدِهِ بَطَلَ ضَرْبُ الْمَثَلِ بِهِ.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ، فَوَجْهُ الدَّلِيلِ فِيهِ أَنَّهُ لَمَّا جَعَلَ مَالَ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ فِي حَالِ زَوَالِ مِلْكِهِ وَارْتِفَاعِ يَدِهِ فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ لِسَيِّدِهِ فِي حَالِ مِلْكِهِ وَثُبُوتِ يَدِهِ وَدَلِيلٌ ثَانٍ مِنَ الْخَبَرِ وَهُوَ أَنَّ الْمِلْكَ تَابِعٌ لِلْمَالِكِ فَلَوْ كَانَ مَا أُضِيفَ إِلَى الْعَبْدِ مِنَ الْمَالِ مِلْكًا لَهُ لَوَجَبَ أَنْ يَنْتَقِلَ وَجْهٌ فَلَمَّا لَمْ يَنْتَقِلْ وَكَانَ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ بِأَنْ بَانَ مِنْ قَبْلُ عَلَى مِلْكِ السَّيِّدِ. وَلِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا كَالْبَهِيمَةِ وَلِأَنَّ الْآدَمِيِّينَ

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 5  صفحه : 266
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست